Saturday, September 6, 2014

المرأة التونسية أصالة راسخة وحداثة واعية


تحتفل تونس يوم 13 أوت من كل عام بعيد المرأة الذي أضحى مناسبة وطنية لمناقشة وإستعراض الإنجازات التي تحققت للمرأة التونسية والطموحات المستقبلية من أجل مزيد من التقدم. وللإحتفال بالنساء اللواتي ناضلن من أجل الدفاع عن حقوق المرأة ولتقييم مواطن الإنجاز والإخفاق مع التركيز على بعض الظواهر الإجتماعية بإعتبارها الخطر على بناء الأسر. ومن المعلوم أن المرأة التونسية قد حققت العديد من المكاسب طوال نصف قرن من النضال، حيث عرفت العديد من المحطات والشخصيات التي كانت لها الأثر الكبير في تغيير مسار حياتها.

شخصيات ومحطات مؤثرة:

 من أبرز الشخصيات التي راهنت على قدرة المرأة التونسية على المشاركة في جميع الميادين بلاإستثناء نذكر الطاهر الحداد، الذي دعى إلى ضرورة تحرر المرأة المسلمة من القيود الإجتماعية، وطالب بالطلاق المدني، كما رفض تعدد الزوجات، ودعى إلى ممارسة المرأة للألعاب الرياضية. وإلى جانب الطاهر الحداد نجد أيضا الزعيم الحبيب بورقيبة، الذي عمل على تذليل كل الصعوبات التي إعترضت المرأة، فحرص على تعليمها إيمانا منه بأن التعليم هو السبيل للنهوض بالمجتمعات، كما عمل على تحريرها من كل القيود، خاصة عندما بادر برفع الغطاء على رأس إحدى النساء في إحدى التظاهرات بمناسبة عيد المرأة، فكانت تلك المبادرة نقطة تحول في حياة المرأة التونسية التي كانت حينها خاضعة، تابعة وذليلة، تكاد تكون منسية. ومن المحطات الهامة التي عرفتها المرأة التونسية في حياتها نجد مجلة الأحوال الشخصية، التي حرص الزعيم الحبيب بورقيبة من خلالها على تحصين المرأة التونسية، ليضمن لها الحياة الكريمة وذلك من خلال ما تحتويه من قوانين للأسرة، من أهمها منع تعدد الزوجات وسحب القوامة من الرجل وجعل الطلاق بيد المحكمة عوضا عن الرجل. كما وتعتبر مجلة الأحوال الشخصية التي إنفردت بها تونس، قاعدة وضمانة أساسية أتاحت للمرأة التونسية التواجد في كل الميادين، ولكن بصفة أقل في المجال السياسي، بإعتبار أن هذا المجال كان يقتصر فقط على الرجال أصحاب النفوذ، الذين يرفضون المنافسة ليس فقط من المرأة بل حتى من أبناء جنسهم من المخالفين لهم في الرأي. ولكن هذه الجزئية قد تغيرت بعد ثورة 14 جانفي، التي شاركت فيها المرأة بشكل بارز.

المرأة التونسية  وثورة 14 جانفي:

لم تعمل المرأة التونسية بمبدأ المرأة نصف المجتمع بل المرأة كل المجتمع، لذلك لم يتوقف دورها على مهامها كأم وزوجة داخل البيت، أو كعاملة خارج البيت، بل زاد دورها كمؤثر في تاريخ وسياسة بلدها. فمنذ ثورة 14 جانفي 2011 والمرأة التونسية دورها يبرز ويتزايد يوما بعد يوم، فوجدناها تساند الثوار في سيدي بوزيد، ووجدناها في شارع حبيب بورقيبة جنبا إلى جنب مع الرجل تطالب بنهاية عصر الفساد والقمع، لتكون بذلك عضوا فعّال وأساسي في أحداث الثورة منذ بدايتها وحتى الآن. كما دفعت المرأة التونسية من دمائها ثمنا لا يقل عما دفعه الرجل، لذلك من الواجب والطبيعي أن تكون المرأة في قلب المسار الثوري وأن تدخل المجال السياسي الذي غُيبت عنه، لترفع من مكانتها وذلك من خلال تعزيز ثقتها بنفسها، والتأكيد على أنها قادرة على أن تمنح نفسها وأسرتها ومجتمعها المزيد من العمل والإنجاز من جهة، وأن تقدم الإثبات للمجتمع أنها جزء لا يتجزأ منه، وأن لها الحقوق والواجبات ذاتها التي على الرجل. وهو ما يضمنه لها الدستور الجديد المؤرخ يوم 26 جانفي 2014 والذي يعتبر تطورا لم تصل إليه بعض الدول الأوروبية والغربية ذات تاريخ طويل في المجال الديمقراطي والحريات وخاصة فيما يخص مجال المرأة، حيث نجد الفصل 21 الذي إعتمد مبدأ المساواة بين المواطنين والمواطنات في الحقوق والواجبات، وهم سواء أمام القانون من غير تمييز. وأيضا الفصل 46 الذي ينص على أن تلتزم الدولة بحماية الحقوق المكتسبة للمرأة  وأن تعمل على دعمها وتطويرها، وأن تسعى إلى تحقيق التناصف بين المرأة والرجل في المجالس المنتخبة. كما نجد أيضا الفصل 33 الذي يضمن حقوق الإنتخاب والإقتراع والترشح، على أن تعمل  الدولة على ضمان تمثيلية المرأة في المجالس المنتخبة. وبالتالي فقد جاء دستورتونس الجديد منصفا لحقوق ومطالب المرأة التونسية التي أصبحت اليوم تتبوأ مكانة هامة مقارنة بغيرها في العديد من البلدان لاسيما منها المتقدمة، إذ تفوقت في التعليم وتقلدت مناصب هامة في مواقع القرار، ولم تستمع لكل الأصوات المنادية بالعودة بها إلى الوراء، وبرامج هدم كل ما بناه الطاهر الحداد و بورقيبة وغيرهم من رجال الإصلاح والتنوير من أجل المرأة، بل على العكس هاهي اليوم تتطلع إلى قصر قرطاج بترشح 4 وجوه نسائية لرّئاسة الجمهورية. وهذا ليس بغريب على "إمرأة الحداد" التي تستطيع أن تقدم وتنجز وتنجح في حال قدمت لها الفرصة كي تثبت نفسها، وحتى إن لم تُقدم لها هذه الفرصة فهي قادرة على خلق الفرص وإنتهازها.

ولكن وبالرغم من الإنجازات العديدة للمرأة التونسية لايمكننا القول أنها قد إحتلت نفس مركز الرجل، حيث لاتزال تتعرض  للكثير من الإنتهاكات لذلك نجدها لاتزال تطالب بتحقيق العدالة والمساواة، ووقف العنف بشتى أنواعه الذي تتعرض له بشكل يومي. فهناك الكثير من النساء الاتي يتعرضن للعنف من أزواجهن وإخوانهن وكل من لديه السلطة عليهن خاصة في الأرياف حيث القيود الإجتماعية لم تتراخ بما يكفي لتسمح للرجل أن يقبل أن تتحول المرأة من تابع إلى شريك. لذلك لاتزال المرأة التونسية تسعى للحصول على المساواة في الحقوق والفرص الإجتماعية، ودورها لايزال يتزايد ومشاركتها لاتقل، تناصر الحق والعدل وتحارب الإرهاب، أملا في مستقبل أفضل لبلادها وأولادها.

فتحية للمرأة التونسية في عيدها، ونتمنى أن ترتفع الأصوات بقوة، والأيادي بهمة، والعقول بزهو في سبيل رفعة وهيبة المرأة التونسية في كل مجالات الحياة المتطورة.

Sunday, May 4, 2014

حساسية الربيع.... حالة عابرة أم مرض مزمن؟


شهدت فيينا هذا العام شتاء معتدل البرودة على غير العادة، مقارنة بالسنة الماضية. فهلّ علينا الربيع باكرا، فإكتسبت الطبيعة حلّة خظراء تسرالناظرين، فظهرت البراعم على الأغصان، وعادت الطيور إلى التغريد في الصباح، وبدأنا نشعر بدفء الأجواء خلال ساعات النهار. ومثلما غنت سعاد حسني منذ سنوات "الدنيا ربيع و الجو بديع"،إلا أن جو الربيع ليس بديعا للجميع، فقد يكون كابوسا بالنسبة للأشخاص الذين يعانون من حساسية الربيع وخاصة منهم الأطفال، فهو بالنسبة إليهم موسم العطاس، ومشكلات التفس والحكة وإحتقان العين وإحمرارها، مما يؤدي إلى إنزعاجهم المتواصل وإنخفاض "جودة" حياتهم خلال هذه الفترة من العام. وهؤلاء الأشخاص هم في الغالب شديدي الحساسية، يتأثرون بأي شيء وبكل شيء، إذ تجدهم يطمحون لإيجاد الطرق والأساليب المُثلى التي تساعدهم على تجاوزهذه الفترة بأقل ضرر ممكن.

 فماهي التدابير التي يمكن إعتمادها لتفادي مشاكل حساسية الربيع؟ ولكن قبل أن نجيب على هذا السؤال وندخل في التفاصيل، يجب أولا أن نعرف مفهوم حساسية الربيع التي نسمع عنها الكثير.
مفهوم حساسية الربيع
 حول سؤالنا عن مفهوم الحساسية أفادنا مجدي درويش، دكتور وإستشاري في أمراض الأطفال ، بأن حساسية الربيع تعتبر أحد العناصر في مجموعة ما يعرف ب"أمراض العصر" والتي إنتشرت بشكل كبير في الآونة الأخيرة في جميع دول العالم، المتقدمة أوالنامية، الصغيرة منها أو الكبيرة. وحساسية الربيع لا تقتصر على فئة معينة من الأعمار وإنما تطال جميع الشرائح العمرية من الذكور والإناث، وغالبا تصيب الأطفال أكثر، حيث تبدأ في فترة الطفولة، وقد تلازم صاحبها مدى الحياة أو تخف بعض الشيء مع التقدم في العمر، أوتسير نحو الأسوء أو على العكس قد تختفي إلى غير رجعة، وتأتي عبارة الحساسية أو بالأحرى "الأرجية " من اللغة اليونانية، وهي تعبر عن رد فعل مختلف لجهازالمناعة لشخص يعاني من الحساسية عن رد الفعل العادي لجهاز المناعة لشخص سليم. وبمعنى أدق وأبسط لمفهوم الحساسية يوضح الدكتور مجدي أن لجسم الإنسان عالمان منفصلان ، "عالم داخلي" و"عالم خارجي". بالنسبة للعالم الخارجي هوعبارة عن المحيط الذي يوجد فيه جسم الإنسان الذي يحتاج إلى أن يعيش ويتكيف مع هذا العالم من كل جانب، لما يحتويه من عناصر الحياة للإنسان كالهواء والماء والعناصرالغذائية، وبالتالي على الجسم أن يتقبل وجود هذه العناصر ويدخلها إليه. كما يحتوي العالم الخارجي أيضا على عناصر تحمل في طياتها شتى أنواع المخاطر للجسم البشري، قد تكون سببا في مرضه أو تلف أجزاء منه أوتهديد سلامة حياته، وعليه، يسعى الجسم للحفاظ على بقائه في الحياة وهو بأفضل حال وصورة وقدرات ممكنة، في مواجهة عوامل الخطر الموجودة في هذا العالم الخارجي. وفي "صراع البقاء" هذا، يستخدم الجسم بتناسق كل إمكانياته ضمن منظومة دفاعية متناغمة في الأداء، ويسخر كل طاقاته العقلية وقدراته العضلية لتجنب مواجهة شتّى أنواع المخاطر أوالإبتعاد عنها حال مواجهتها أوالتغلب عليها. وضمن هذه المنظومة الدفاعية للجسم يوجد نظام غير مرئي، لكنه ذو قدرات جبارة يدعى "جهاز المناعة" والمهمة الأساسية لعناصر هذا الجهاز، هي التعامل مع عناصرالجراثيم، الصغيرة في حجمها والبالغة الضرر في أذاها كالفطريات والطفيليات والبكتيريا والفيروسات. ويعتمد جهاز المناعة نظام كيميائي معقد لتعرُّف على الجراثيم من خلال المكونات الكيميائية لتراكيب أجزائها. وعند وصول هذه الجراثيم إلى الجسم، ونجاحها في الدخول إليه، يبدأ عمل عناصر جهاز المناعة في الرصد والتعقب، ومن ثم تبدأ جهود القضاء عليها. لكن جسم الإنسان ليس فقط مُعرض لدخول الميكروبات إليه كشيء غير مرغوب فيه، بل هو يستضيف ويتقبل ويطلب أن تدخل إليه العناصر الغذائية وذلك من أجل إستخدامها في نموه وتوفير الطاقة وغيرها. كما أنه معرض لملامسة أو إبتلاع أو إستنشاق عدد غير محدود من المواد الكميائية الموجودة في البيئة من حولنا أي في الملابس، الأثاث، الطعام، الماء والهواء وغيرها. ولكن لدى بعض الناس قد تختلط الأمور على جهاز المناعة لديهم حال تعامله مع العناصر الغذائية أو المواد الكميائية المتطايرة في البيئة، إذ يفقد خصائص التعامل الإيجابي مع المواد المحسسة التي دخلت إليه، فبدل الإقتصار على القيام "بردة الفعل" المناعية والدفاعية الطبيعية حال مواجهة الميكروبات والمواد الكيميائية الضارة، يغدُ جهاز المناعة مشوش، وتُمسي تصرفاته مزيجا من الفوضى والجهل وإستنفاذا لطاقات الجسم، إذ كلما دخلت مواد كميائية محددة إلى الجسم إما بتناولها أو بملامستها للجلد أو بإستنشاقها، إلا وبدأت حروب متواصلة بين جهازمناعة الجسم وبين أجزاء من المركبات الكميائية الموجودة في المواد المحسسة مما يأدي إلى إفراز الجسم وإنتاج "أجسام مضادة" تتولى هذه الأجسام إفراز مجموعة من المواد الكميائية والهرمونات تسمى "الوسائط" ومن بين هذه الوسائط مادة "الهيستامين" التي تلعب دورا رئيسيا في ظهور أعراض الحساسية، والتي تختلف من شخص إلى آخر، فبعض الناس تكون الأعراض لديهم خفيفة ومتقطعة، فحين البعض الأخر تكون الأعراض لديهم شديدة و مستمرة طيلة الربيع. وتتمثل الأعراض الشائعة لحساسية الربيع خاصة في إحتقان الأنف مع سيلان،حكة،عطاس، وإلتهاب في العين يرافقه إحساس بألم على مستوى الرأس إلى جانب إحتقان في الحلق مع إرتفاع في درجة الحرارة في بعض الأحيان دون معرفة السبب.

ولكن المشكل يكمن في أن أعراض الحساسية تتشابه في أوجه كثيرة مع أعراض الزكام، وبالتالي قد يختلط الأمر على العديد من الناس فلا يعرفون إن كانوا ما يعانون منه هي أعراض للحساسية أم بداية زكام. لذلك تجدهم يتناولون أدوية مخصصة لعلاج نزلات البرد، وهذه الأدوية لا تعالج الحساسية، لأن نوع العلاج مختلف تماما وقد تزيد أدوية البرد من تأزم الحالة. ولتجنب تأزم الحالة يجب معرفة الفرق بين أعراض الحساسية والزكام.
  الفرق بين الحساسية والزكام.
 وحول الفرق بين الحساسية الموسمية  والزكام  يؤكد الدكتورمجدي درويش على أنه  يجب عدم الخلط بين أعراض الحساسية وبعض الأمراض الفيروسية المنتشرة في فصل الربيع، لأن لديهم نفس الأعراض، ولمعرفة الفرق بينهم يجب مراقبة المدة الزمنية التي تستغرقها تلك الأعراض،فإن إستمرت من 5 إلى 10 أيام فهي نتيجة فيروس وبالتالي فهي أعراض الزكام، لأن الحساسية تستمر أعراضها أسابيع وشهور. كما أن الزكام يتسبب في العدوى، حيث تجتمع البكتيريا في الأنف فتسبب صداع خلف وحول العين أوألما في اللثة والأسنان العلوية، وقد يؤدي إلتهاب الجيوب الأنفية في حالة الزكام إلى إرتفاع درجة الحرارة ويكون سائل الأنف في بعض الأحيان سميك وأصفر. أما في حالة الحساسية فلا تكون هناك عدوى، كما أن سائل الأنف يكون رقيقا و شفافا وتصاحبه عادة حكة في الأنف والحنجرة والفم والأذن. إلى أن هناك من الناس من يصابون بنزلات برد قد تستمر طوال فصل الربيع مما يعطي إنطباع أن المريض يعاني من حساسية، لذلك تعد زيارة الطبيب للتشخيص عند بلوغ الأعراض أشُدّها وقبل إستفحالها فيصعب بعد ذلك معالجتها، أول وأهم خطوة يقوم بها المريض في مسيرته العلاجية.
أهمية التشخيص الطبي.
 عند الإشتباه في الحساسية يجب زيارة الطبيب الخاص، هذا ما ينصح به الدكتور مجدي، الذي يؤكد على أنه عندما تكون العوارض حادة، قد يتمكن الطبيب من إكتشاف إن كان المريض يعاني من حساسية أو زكام، وذلك من خلال الفحص الجسدي وسؤال المريض عن الأعراض، إذ يعتبر تاريخ بداية الأعراض مهم في تشخيص الحساسية بما في ذلك إختلاف الأعراض بإختلاف الوقت من النهار أو الموسم أو التعرض لمسببات الحساسية. ولكن في بعض الأحيان قد لا يتمكن الفحص السريري من الكشف إذا ما كان هناك حساسية أو شيء آخر، عندها قد يحتاج المريض لإختبار حساسية جلدي أو تحليل دم. ويعتبر إختبار الجلد هو الأسلوب الأكثر شيوعا لإختبار الحساسية، فهو عبارة عن إختبار لتشخيص مسببات الحساسية، وهو معروف بإسم "إختباروخز الجلد" ويتم عن طريق وضع نقاط صغيرة من مسببات الحساسية السابق إعدادها بمواصفات طبية على جلد ذراع المريض أو ظهره ووخزها بحرص. وهذا النوع  من الإختبارات تسبب القليل من الألم ولكن تظهر نتيجته بعد حوالي 15 دقيقة، فالمواد المسببة للحساسية تسبب إنتفاخا بسيطا وإحمرارا على الجلد كلما إتسع حجم الإحمرار زاد تأثير المادة على حساسية المريض. وهذا الإختبار يمكن القيام به للأطفال عادة  فوق سن السنتين، ولكن غالبا الأطفال في هذا السن  يكنون شديدي الحركة ويرتبكون، مما يؤدي إلى عدم إمكانية القيام بالإختبار وبالتالي إذا كان الطفل صغير وهناك تقلق من ردة فعله تجاه الإختبار، في هذه الحالة يُنصح بتحليل الدم الذي يساعد على قياس مستويات نوع معين من البروتينات في الدم تزيد من إمكانية الإصابة بالحساسية. وبالتالي فإن لتشخيص الطبي دور هام لتّعرُّف على مسببات الحساسية التي يعاني منها المريض، والتي عادة تختلف من شخص إلى آخر.

ولكن السؤال الذي يتبادر إلى الأذهان هو لماذا تصيب حساسية الربيع بعض الناس ولا تصيب الآخرين؟ وماهي العوامل التي تؤثرعلى ذلك؟
مسببات الحساسية:
حتى الآن لم يستطع العلم أن يجد جواب شافي حول لماذا هناك بعض الأشخاص يكونون أكثر من غيرهم عرضة لتّحسس لبعض المواد والمؤثرات التي تنجرعنها أمراض الحساسية. فالطفل معرض منذ الولادة للإصابة بهذا المرض في حال توفر الإستعداد و العوامل المثيرة لها، وهو ما يؤكده أيضا الدكتور مجدي درويش الذي يُرجح أن من أهم هذه العوامل هو:

­العامل الوراثي: إذ يعتبر مرض الحساسية من الأمرض الوراثية، بحيث يزيد ظهوره لدى الأشخاص الذين لديهم تاريخ عائلي في وجود هذا المرض بين أفراد عائلتهم وأقاربهم. إذ أن إصابة الوالدين بالحساسية ترفع من خطر إصابة الطفل أيضا بالحساسية بنسبة تتراوح بين 60 إلى 80 بالمائة، وتنخفض هذه النسبة ما بين 60 إلى 40 بالمائة في حال إقتصرت الإصابة على أحد الوالدين، وليس بالضرورة أن تكون الوراثة لنفس نوع الحساسية وبنفس الشدة. ولكن هناك 20 بالمائة من الأطفال الذين يصابون بمرض الحساسية وليس أي من الوالدين مصاب بها، مما يعني أن عامل الوراثة ليس الوحيد المسبب لمرض الحساسية، وإنما هناك عوامل أخرى منها:
العامل البيئي: و المتمثل خاصة في حبوب الطلع (حبوب اللقاح) حيث كشفت دراسة حديثة أعدّها المركز الطبي بالعاصمة التشكية، براغ والتي تناقش حالة إسمها التحسس الربيعي، بالإعتماد على نتائج فحص الآلاف من المصابين بالحساسية، أن عدوانية الحساسية تتضاعف كل عام، وتصيب أعداد جديدة من الناس فتُعقّد حياتهم، خاصة الأطفال وكبار السن، وذلك بسبب الأزهار والأشجار والحشائش التي تطلق في الجو الملايين من ذرات غبار الطلع كل يوم، فيحملها الهواء إلى مسافات هائلة قد تصل إلى مئات الكيلومترات. وغبار الطلع هو عبارة عن ذرات صغيرة جدّا لا تُرى بالعين المجردة، تنتجها النباتات والأشجار والأزهار لخصوبة نباتات أخرى من نفس النوع، ويتم ذلك خاصة من مارس إلى ماي، أي من بداية الربيع إلى آخره. وحين تتواجد حبوب الطلع في الهواء، فإنها من الممكن أن تستقرّ في عين الشخص أو أنفه أو رئته، وبذلك تتسبب فيما يعرف بحساسية الربيع، وهذا ما يؤكده أيضا أُفيه برعز، الباحث بمجال أمراض الحساسية بكلية الطب بفيينا، إذ يقول " أن جهاز المناعة لدى مرضى الحساسية يستجيب لحبوب الطلع الموجودة في الهواء على أنها أجسام خطيرة، فيبدأ في التأهب بكامل قواه لمقاومتها، مما يؤدي إلى الإصابة بمتاعب في المسالك التنفسية ". و تبدأ عوارض الحساسية في الظهور خاصة عندما يصل تركيز حبوب الطلع إلى 30 حبة طلع في المترالمكعب الواحد من الهواء، لكن عندما يكون الجو حار ورطب، وبعد نزول المطر مباشرة، فإن تركيز حبوب الطلع يزداد بكميات كبيرة جدا لتصل إلى 500 حبة طلع في المتر المكعب من الهواء، لذلك فإن أعراض الحساسية تكون في أشُدّها بعد نزول المطر مباشرة لدى المرضى الذين يعانون من حساسية حبوب الطلع. أما خلال الأيام التي تحدث فيها العواصف الرعدية فإن حبوب الطلع تنفجر لتخرج حبيبات نشوية صغيرة جدّا إلى الهواء، والتي تعتبر شديدة القوة في تهييج الحساسية، لأنها تستطيع أن تصل إلى أماكن عميقة جدّا في الرئة بعد إستنشاقها نتيجة لصغر حجمها. وإلى جانب حبوب الطلع يعتبر أيضا غبار العشب من أكثر الأسباب شيوعا لأمراض الحساسية في كل عام، وتحديدا من ماي إلى جويلية، أي من أواخر الربيع إلى أوائل الصيف. كما يؤكد الدكتور مجدي على أن سرعة التغيرات المفاجئة في أحوال الطقس التي يشهدها الجو الربيعي، خصوصا في درجة الحرارة وكثرة الأتربة من عوامل إنتشار مرض الحساسية. كما تشير أبحاث تمّ عرضها في الكلية الأمريكية لأمراض الحساسية والربو والمناعة سنة 2012 إلى أنه وبحلول عام 2040 من المتوقع أن تتضاعف أعداد حبوب اللقاح. كما أصبح لظاهرة الإحتباس الحراري دور في تزايد أمراض الحساسية، وهذا ما كشف عنه مؤتمر دولي للأمراض الجلدية في فيينا، الذي أكد على أن الإحتباس الحراري قد يكون سببا في سرعة إنتشار الحساسية في مختلف أنحاء أوربا. وهو ما يؤكده أيضا يوهانيس رينج،  البروفيسور والدكتور المختص في أمراض الحساسية في جامعة ميونيخ التقنية، في مؤتمر صحفي، نقلته وكالة الأنباء النمساوية، إذ يقول " إن مرض الحساسية أصبح يؤثراليوم في نحو ثلث الأوروبين، وباتت فترة إزهارالأشجارالتي تنشرحبوب اللقاح، تستغرق وقتا أطول بسبب التغيرات المناخية وظاهرة الإحتباس الحراري، مما زاد من عدد المصابين بالحساسية، كما أدت زيادة عدد النباتات الأجنبية التي دخلت أوروبا إلى ظهورأنواع جديدة من الحساسية ". وتؤيده في الرأي أيضا ستاسي غراي، دكتورة وخبيرة الحساسية في مستشفى ماساتشوستن للعين والأذن التابعة لجامعة هارفاد الأمريكية، حيث تقول "أعتقد أن مواسم الحساسية تصبح أطول حين يكون الشتاء قصير وأقل حدة، يعني هذا أنه سوف تبقى حبوب اللقاح وذرات الغبار لفترة زمنية أطول في الهواء ".وإلى جانب العامل البيئي نجد أيضا:
عامل الأدوية: يعتبر إستخدام المضادات الحيوية عامل مهم وخطر لإصابة الأطفال بالحساسية، هذا ما أكده الباحثون والمختصون في المؤتمر السنوي للجمعية الأوروبية التنفسية، الذي إنعقد في فيينا مؤخرا، حيث حذّر الباحثون من أن إعطاء المضادات الحيوية للأطفال الرضع في الأشهر الست الأولى من حياتهم يزيد من مخاطر إصابتهم بأمراض الحساسية. إذ تم دراسة أكثر من 400 طفل منذ الولادة، وحتى بلوغهم سن السابعة، تلقى 50 بالمائة منهم علاج بالمضادات الحيوية في الستة الأشهر الأولى منذ ولادتهم، فخلص الأطباء إلى أن الأطفال الذين تلقوا جرعة واحدة على الأقل من المضادات الحيوية تعرضوا للإصابة بالحساسية في سن السابعة بنسبة أعلى بحوالي مرة ونصف المرة، والإصابة بمرض الربو بحوال مرتين ونصف المرة، مقارنة بالأطفال الذين لو يتلقوا أية أدوية. وفسّر العلماء ذلك بأن السبب المحتمل وراء هذا الخطر يكمن في حدوث تغيرات في تعداد البكتيريا الموجودة طبيعيا في الأمعاء والقناة الهضمية، ولأن المضادات الحيوية تقضي على البكتيريا سواء الجيدة منها أو المؤذية، يعتقد العلماء أنها تتدخل في برمجة الجهاز المناعي في الجسم في الأشهر الأولى الحرجة من حياة الإنسان وتشوشها. ويأكد الأطباء على أن هذا لا يعني وقف وصف هذه الأدوية للمرضى ولكن لا بد من عدم إعطائها في سن مبكرة، او عند وجود إصابات فيروسية لا تستدعي تعاطيها كالزكام والإنفلونزا.
العامل الغذائي: حيث أكد الدكتور مجدي درويش على  أن الأطفال الذين يتناولوا الحليب عن طريق الرضاعة الطبيعية، أقل عرضة لأمراض الحساسية مقارنة بالأطفال الذين رضعوا إصطناعيا وخاصة حليب البقر. كما أن الأطفال الذين تناولوا مواد غذائية مثل وبياض البيض ومشتقات الحليب  في الأشهر ما بين الرابع والثامن من أعمارهم، زادت عندهم أمراض الحساسية. إلى جانب أيضا بعض المؤكلات التي تسبب الحساسية مثل أنواع من البحريات والفطر والفراولة...
عث الغبار المنزلي: وهو عبارة عن حشرة متناهية الصغرلا تُرى بالعين المجردة، متواجدة في جميع أرجاء المنزل، إذ تعيش في الغبار والأتربة الموجودة في البيت إلى جانب السجادات والستائر والمفروشات. وقد أظهرت ستاليرجين، وهي الشركة الصيدلانية، البيولوجية، المتخصصة في العلاج المناعي للحساسية، ذات الصلة بالجهاز التنفسية في فرنسا، في دراسة أجرتها حول أربع دول أوروبية، وهي فرنسا، ألمانيا، إيطاليا وإسبانيا، أن عث الغبارالمنزلي يعتبر من أهم مسببات الحساسية بعد حبوب اللقاح التي لا تزال تحتل المرتبة الأولى من حيث مسببات حساسية الجهاز التنفسي. وقد خلص العلماء المختصون في هذه الدراسة إلى أن عث الغبار المنزلي يمثل 20 بالمائة من مسببات الحساسية في أوروبا، إذ يؤثر سلبا وبشكل كبيرعلى حياة المرضى الذين يعانون وبشكل مزمن من أمراض الحساسية.
عوامل أخرى مختلفة: تعتبر الحيوانات الأليفة أيضا إحدى مسببات الحساسية، وذلك عن طريق إما فرائها أو ريشها. كما نجد أيضا الملوثات الهوائية، كالأتربة، التدخين، دخان السيارات، بعض أنواع العطور، الروائح القوية للمنظفات والمبيدات الحشرية، الشموع المعطرة والبخاخات...
وبالتالي ومن خلال كل هذه العوامل وغيرها، يمكن أن نستخلص أن مرض الحساسية يعتمد أساسا على مدى إستعداد الشخص وراثيا لهذا المرض من جهة، ومدى تعرض المريض لمسببات الحساسية من جهة أخرى. وتختلف مسببات الحساسية من شخص إلى آخر من حيث الموقع المتأثر بها في الجسم، فينجرعن ذلك ظهورأنواع مختلفة من الحساسية.
أنواع الحساسية:
هناك العديد من أنواع الحساسية الشائعة، ومن بين هذه الأنواع التي تكثر في فصل الربيع تحديدا نذكر:
الحساسية التنفسية:
ترتكز الحساسية التنفسية في الأنف، الجيوب الأنفية، البلعوم، الحنجرة والجزء العنقي من القصبة الهوائية. وتشير تقارير دورية تصدر في الدول الأوروبية، إلى أن الحساسية التنفسية تتزايد سنة بعد أخرى، حيث زادت سبعة أضعاف في السنوات العشرين الأخيرة مما كانت عليه سابقا. وهو ما يؤكده أيضا الدكتور مجدي مُضيفا أن الحساسية التنفسية ( حساسية الأنف) قد تكون موسمية، أي تميل إلى الحدوث في الربيع والصيف أو قد تكون مستمرة تلازم صاحبها طوال العام. ولا يوجد إختلاف بين النوعين سوى في المسببات، فالحساسية الأنفية الموسمية، يسببها غالبا غبار الطلع، أي حبوب اللقاح التي تنتشر بكثرة  في فصل الربيع بالذات، وكذلك الأتربة المتناثرة في الجو، إلى جانب طبعا عامل الوراثة. في حين أن الحساسية الأنفية  المستمرة غالبا ما يكون أصل البلاء بهاعث الغبار المنزلي، الأتربة، التدخين وملوثات السيارات والمصانع، الروائح  العطرية والمنظفات،  بعض أنواع من الحشرات كالنحل، الفطريات، بعض الأنواع من الأدوية إلى جانب الحيوانات الأليفة... كما يوضح الدكتور مجدي أن الحساسية الأنفية هي نتيجة تعرض الشخص الحسّاس لبعض مثيرات الحساسية التي ذكرناها آنفا، مما يؤدي إلى إنتاج الجسم لمُضاد يؤدي إلى إثارة بعض الخلايا الموجودة في غشاء الأنف، الذي هو في الأصل غشاء مخاطي غني بالكثير من الأوعية الدموية والخلايا. فينتج عن ذلك إفراز مواد كميائية مثل الهيستامين وغيرها، وبالتالي إنتفاخ وتوسع الأوعية الدموية في غشاء الأنف، فتبدأ عوارض حساسية الأنف في الظهور والمتمثلة خاصة في سيلان الأنف الغزير، العطس والكحة، إنسداد الأنف خاصة ليلا، مما يؤدي إلى ضعف حاسة الشم، إلى جانب ذرف الدموع. كما يمكن حدوث صداع وألم  بالوجه والجبهة والصدغ، وقد تترافق هذه العوارض مع ثقل في السمع وحسّ الإمتلاء الخاطئ  في الأذنين، وفي بعض الأحيان قد تحدث مضاعفات مثل إلتهاب الأذن الوسطى إلى جانب أيضا الإرخاء والتعب وإنخفاظ القدرة على التركيز، كما يشعر العديد من المصابين بهذه الحساسية بحرقة في الحنجرة وإنزعاج في الفم والبلعوم عند تناولهم لبعض الأنواع من الفاكهة و الخضار النيئة، وقي أغلب الأحيان عدم الإحساس بطعم الأكل و التنفس عن طريق الفم.
حساسية الصدر أوالربو:
 وحول هذا النوع من الحساسية يفيدنا الدكتور مجدي ، أن حساسية الصدرترتكز خاصة في الجزء السفلي من الجهاز التنفسي الذي يتألف من الجزء الصدري من القصبة الهوائية والشعب الهوائية والحويصلات الهوائية الرئوية. ويعتبر الربو وهي كلمة مشتقة من اللغة اليونانية، وتعني لُهاث، مرض مزمن، يمكن أن ينشأ في أي عمر، لكنه يحدث بشكل عام في سن الطفولة. وقد تزايدة نسبة مرض الربو في العقود الأخيرة، ويُرجح ذلك خاصة إلى أن أجيال اليوم أصبحت تتعرض إلى العدوى والأمراض أقل من الأجيال السابقة، مما يجعل جهازهم المناعي أكثر حساسية. إلى جانب أن أطفال اليوم يقضون الكثير من الوقت داخل الأماكن المغلقة، مما يجعلهم معرضون أكثر للمؤثرات الداخلية،مثل عث الغبار المنزلي المتواجد خاصة في الفراش والوسائد أوالعفن الموجود في الأماكن  الرطبة مثل المطبخ و الحمام، وأيضا الملوثات الهوائية والتدخين إلى جانب قلة النشاط الرياضي وبالتالي زيادة نسبة السمنة، حيث يوجد إرتباط كبيربين السمنة والإصابة بمرض الربو، إلى جانب طبعا العامل الوراثي. ويُضيف أن الربو هو عبارة عن مرض يؤثر على ممرات التنفس في الرئتين "القصيبات"، مما يسبب تهيجا ويجعلها أكثر حساسية للمؤثرات المختلفة، وعندما يحدث إلتهاب بممرات الهواء نتيجة لمؤثر معين خارجي أو داخلي، فيمتلأ الممر بالمخاط وتنقبض العظلات الموجودة بهذا الممر فتسبب ضيق في ممر الهواء، وهذا الضيق يسبب صعوبة في التنفس، مما يتسبب في نوبة ربو. تبدأ عوارض الربو في أول ظهور لها غالبا في سن الخامسة، أما العوارض التي تظهر قبل هذا السن والتي تكون مشابهة لأعراض الربو فهي أحيانا تكون نتيجة عدوى في الجهاز التنفسي العلوي مثل حالات البرد. ومن أهم أعراض الربو إلى جانب صعوبة في التنفس نجد أيضا السعال المستمر مصحوبا بصوت صفير ويحدث ذلك خاصة في حالة إشتداد النوبة، والتي تزيد خاصة أثناء الليل الذي عادة يكون وقت الراحة والإسترخاء، إلا أن ذلك لا ينطبق على مرضى الربو، الذين تسوء حالتهم، وتزيد آلامهم خلال هذا الوقت. إذ يعاني 61 بالمائة من مرضى الربو من نقص في النوم، بسبب السعال المستمر وبعضهم قد يحتاج إلى العناية في المستشفى بسبب الصعوبة في التنفس ليلا، فالجهاز التنفسي يصبح أكثر حساسية في هذا الوقت، إضافة إلى أن مجرى التنفس يضيق في الساعات الأخيرة من اليل والصباح الباكر، مما يؤدي إلى ضيق في التنفس وإحتقان في الصدر، يصاحبه ألم وخوف وقلق خاصة بالنسبة للأطفال إذ تزيد هذه الأعراض معهم خاصة أثناء القيام بمجهود، مثل اللعب أوالضحك أوالبكاء. إلى جانب إرتفاع  بسيط في درجة الحرارة مع تغير في الصوت وألم أثناء البلع مع الرغبة في الحكة الداخلية للبلعوم. وتختلف أعراض النوبة الربوية بإختلاف شدتها، ففي حالة نوبة الربو الخفيفة والمتوسطة يكون المريض متعطشا للهواء من خلال تسارع حركات صدره إنقباضا وإسترخاء، أما في حالة النوبة الشديدة فإن عوارض معينة تلوح في الأفق مثل عدم المقدرة على البقاء في وضعية الإضطجاع، تصبب العرق من الجسم، تسارع في دقات القلب، الشعور بالإختناق إلى جانب إحمراراللون وإحتمال أن يصبح لون الجلد أزرق. وكشفت دراسة أعدّها المركز الطبي بالعاصمة التشيكية، براغ، حول التحسس الربيعي، بأن 80 بالمائة ممن يعانون أنواعا وإن كانت خفيفة من الربويصابون بنوع يشبه الرشح طيلة فترة الربيع وحتى أن قسما منهم يعاني من هذا الرشح طيلة الصيف أيضا والذي يكون عادة على شكل سيلان للأنف مع إنسداده ليلا، بالإضافة إلى إحمرار العينين وعدم المقدرة على أكل بعض أنواع من الفواكه مثل التفاح... وتعتبر حساسية الصدر أو الربو من أخطر أنواع الحساسية التي تستدعي زيارة الطبيب.
حساسية العيون:
في فصل الربيع تكثرالإصابة بأمراض العيون، مثل إلتهاب القرنية والملتحمة المعروفة بالرمد الربيعي، والذي يعتبر من أبرز أمراض حساسية العيون المزمنة، والتي تبدأ مع دخول فصل الربيع وقد تمتد طوال الصيف أو قد تتحسن مع بداية الشتاء أوتمتد طوال السنة وذلك على حسب مدى تعرض المريض لمسببات هذا النوع من الحساسية. كما يؤكد الدكتور مجدي على أن الرمد الربيعي مرض غير معد يصيب الذكور والإناث، خاصة في فترة مابين 5 إلى 20 سنة، وفي بعض يبدأ قبل سن الخامسة أو بعد بلوغ العشرين. والرمد هي كلمة تطلق على أي إلتهاب خارجي للعين، أما الربيعي فهي نسبة إلى الفترة الزمنية التي ينتشر فيها المرض وهو فصل الربيع. مُضيفا أن الرمد الربيعي هوعبارة عن حساسية تصيب ملتحمة العين وهي الطبقة الشفافة الرقيقة التي تغطي بياض العين المسمى بالصلبة، نتيجة لتعرضها لمثيرات الحساسية، مثل تطاير حبوب اللقاح والأتربة والغبار نتيجة تقلبات الطقس إلى جانب إرتفاع درجات الحرارة العالية (الأشعة فوق البنفسجية)، وأيضا عامل الوراثة. حيث أثبتت العديد من الدراسات أن 70 بالمائة من مرضى الرمد الربيعي لديهم تاريخ عائلي لأحد أمراض الحساسية. وتتميز نوبات الرمد الربيعي بتكررها في مواسم الربيع، وعادة ما تختفي أعراض المرض عندم يكبر الشخص، وتتفاوت هذه الأعراض في شدّتها، فقد تكون خفيفة كالشعور بحكة في العين، والتي تعتبر أهم مؤشرعلى وجود هذا المرض، مع الإحساس بوجود جسم غريب في العين، يرافقه إحمرار و كثرة الدموع، مع الشعور بالنعاس والإنزعاج من الضوء، خاصة أشعة الشمس، إلى جانب ثقل في الجفون وهبوط الأجفان العلوية، مع إفرازات مخاطية صفراء أو بيضاء اللون، تكون على شكل خيوط لزجة خصوصا في الصباح. وهذه الأعراض الخفيفة لا تمثل عادة خطرعلى قوة النظر، بما أنها حساسية موسمية، ولكن في بعض الأحيان يعاني بعض المرضى من حكة شديدة بأعينهم، مما يجعلهم يلجؤون إلى دعك أعينهم بشدة ولفترات طويلة. وقد ثبت علميا أن دعك العين بقوة وبشكل متكرر قد يؤدي إلى حدوث مرض القرنية المخروطية، وهو عبارة عن حالة ترقق غير عادية في القرنية وبروزها بشكل مخروط إلى الأمام، لذلك يجب تجنب دعك العين بشدّة ولمدة طويلة، كما أن من أخطر مضاعفات مرض الرمد الربيعي أيضا هو حدوث تقرحات بالقرنية قد تؤدي إلى ضعف النظر في حالات متقدمة. وقد تتشابه أعراض مرض الرمد الربيعي مع أعراض بعض الأنواع الأخرى من حساسية العين، مثال الحساسية التي قد تنجر عن إستعمال العدسات الاصقة، وهي حساسية غير معدية. كما نجد أيضا الرمد الصديدي، وهو مرض ينتج عن إنتشار الذباب وكثرة الملوثات الهوائية في فصل الربيع. ويمكن للشخص عن طريق بعض الأعراض أن يفرق بين ما إذا كان إحمرار العين ناتج عن عدوى أو هو مجرد حساسية. فإذا كان سبب الإحمرار هي البكتيريا، فيكون هناك مادة خضراء أو صفراء تنزل من العين، مع وجود قشورعلى العين طوال اليوم وأحيانا قد يحدث فيها تورم.أما إذا كان سبب إحمرار العين فيروس، فإنها تكون شديدة الإحمرار مع ظهور قشور بسيطة في العين عند الإستيقاظ من النوم. أما إذا كان الشخص يشتك من حساسية الربيع في عينيه، فإنهما  تكونان شديدتا الإحمرار مع تزايد نسبة الدموع مع الشعور برغبة في حك العين.
حساسية الجلد أو ما يعرف بالأكزيما:
تعتبر أكزيما الجلد من الأمراض الربيعية المزمنة الغير معدية، والأكثر إنتشارا لدى الرضع والأطفال، وعادة ما تختفي الأكزيما عند التقدم في العمر،إلا أن هناك من 10 إلى 15 بالمائة من الحالات تستمر فيها الأكزيما حتى عند الكبر. ويُرجح ذلك إلاأن هؤلاء المرضى لديهم في الغالب جلد جاف وحساس جدّا. والأكزيما هي شكل من أشكال إلتهاب الطبقات العليا من الجلد. ومن أعراض هذا المرض، الجفاف الشديد لجلد المريض وإحمرار لونه، بالإضافة إلى كونه كثير القشرة. وغالبا ما يخدش المريض نفسه بقوة جرّاء الحكة الشديدة إلى درجة نزيف الدم من جلده، مما يتسبب في المزيد من الجروح التي تكون ملاذا آمنا للبكتيريا، التي تتسبب بدورها في إلتهابات حادة. وتظهر أعراض الأكزيما عند الرضع في الغالب على الوجه في شكل إحمرار الوجنتين، الذراعين، الساقين وأيضا الظهر وفي أسوأ الأحوال على الجسم كله. ومن العلامات المبكرة على ظهور هذا المرض الجلدي قد يكون ما يسمى ب " قبعة المهد" والتي تتمثل في ظهور قشورعلى رأس بعض الرضع، وهذه التغيرات الجلدية عادة ما تختفي بعد مرحلة الطفولة، ولكن ليس دائما، ففي بعض الأحيان تتواصل مع التقدم في السن، وفي هذه الحالة تتبعها إضطربات جلدية في المرفقين وخلف الركبتين والرقبة. تبلغ نسبة الأطفال الذين يعانون من مرض الأكزيما في ألمانيا بين 10 إلى 15 بالمائة، فحين يبلغ عدد البالغين 3 بالمائة. ويُضيف الدكتور مجدي درويش أنه لا تزال الأسباب الحقيقية لهذا المرض غير معروفة إلاّ أن الكثير من العلماء يرجحون أن 80 بالمائة من الأكزيما سببها وراثي، حيث وجدوا أن معظم الأطفال المصابين بالأكزيما لديهم تاريخ وراثي لأحد الأبوين في الإصابة بهذا المرض. إضافة لعوامل أخرى مهيجة للأكزيما على غرار الإجهاد والبكتيريا والفطريات التي تعيش على الجلد، كذلك حبوب اللقاح، الأتربة الناعمة، السموم البيئية الناتجة عن الإنبعاثات الغازية للمصانع والسيارات، إلى جانب بعض الأنواع من دمى الأطفال والسجادات. ومن مسببات الحكة لمرضى الأكزيما أيضا هي عملية إحتكاك الجلد بالأشياء الخشنة كالملابس الصوفية، بالإضافة إلى الحرارة و العرق، بعض أنواع الصابون والمنظفات. كما يؤكد الدكتور مجدي على أن هناك علاقة بين ظهور أعراض الأكزيما والحالة النفسية للمريض. ومن بين مسببات مرض أكزيما المواليد يُشير الدكتور مجدي إلى الرضاعة الإصطناعية، وخاصة حليب البقر في الأسبوعين الأولين من حياة المولود، أو عندما تتناول الأم المُرضعة أنواع معينة من الطعام، مثل الأسماك، البيض، الشكولاطة، المانجو والفراولة.... وهذا النوع من الحساسية يعتبر مؤشرا قويا على أن هذا المولود سوف يعاني مستقبلا من حساسية الأنف والصدر. وتتراوح نسبة الأطفال المصابين بالأكزيما في العالم بين 12 إلى 25 بالمائة.
وإلى جانب كل هذه الأنواع من الحساسية الربيعية، هناك أيضا أنواع أخرى من الحساسية التي لا ترتبط بموسم معين، مثل الحساسية الغذائية، المُتأتية في أغلب الأحيان من تحسس الجهاز الهضمي لبعض المواد الغذائية. وكذلك الحساسية الكميائية، والتي هي عبارة عن تحسس من بعض المواد الكميائية مثل مواد التنظيف والمواد التجميل. والحساسية الدوائية، والتي تحدث غالبا بعد التعرض لحقن البنسلين والأسبرين كما يُشير الدكتور مجدي إلى أن أدوية الحساسية في حدّ ذاتها قد تأدي إلى الإصابة بالحساسية. إلى جانب حساسية الحشرات ولسعات النحل. وكذلك الحساسية التلامسية والتي تحدث عندما يلامس الجلد السليم مواد معينة لعدة مرات فيصبح حساسا لها.
وبالتالي فإن مرض الحساسية وإن إختلفت أنواعه وأعراضه ومسبباته، فإن من يتأذى ويتضرر منه هو جسم الإنسان في الدرجة الأولى والأخيرة، لذلك من الضروري عند الإشتباه في إمكانية الإصابة بمرض الحساسية، زيارة الطبيب لإيجاد خطة علاجية صحيحة، قبل أن تستفحل الأعراض فيصعب بالتالي معالجتها.
طرق علاج أمراض الحساسية:
تعتبر حساسية الربيع من الأمراض التي لاعلاج شاف وحاسم لها، ولكن هناك بعض العلاجات التي تساعد على تخفيف أعراضها التي تطال كل أجهزة الجسم تقريبا. ومن أهم هذه الأدوية يفيدنا الدكتور مجدي درويش:
مضادات الهيستامين: تم إستخدام هذه المضادات منذ القدم لعلاج أعراض الحساسية، كالعطس ورشح الأنف، وتكون في شكل بخاخات أنفية موضعية أو أقراص، علاوة على ذلك هناك أيضا قطرات للعين مضادة للهيستامين، ويمكن أن تستخدم في علاج غزارة الدموع. وتستهدف هذه البخاخات المسبب الرئيسي لظهور الأعراض وذلك عن طريق منع المواد المثيرة للحساسية من الوصول إلى الخلايا التي تفرز الهيستامين. ويُضيف أن من أهم الأعراض الجانبية الشائعة الناتجة عن تناول هذه المضادات هي: زيادة في الوزن، إضطربات الجهاز الهضمي، جفاف في الفم، صداع، دوار، وقد يسبب البعض منها النعاس. ولا تُستخدم هذه المضادات للأطفال، كما يُفضل تجنبها أثناء الحمل أو الرضاعة الطبيعية. ولكن بشكل عام تعتبر مضادات الهيستامين آمنة، ويمكن تناولها أثناء ظهور أعراض الحساسية، وحتى قبلها، مع الإلتزام بها طوال فترة الحساسية، والتوقف عنها لاحقا، فهي تساعد جدا في تخفيف الأعراض، وبالتالي القيام بالأنشطة اليومية بشكل طبيعي. مؤكدا على أن من أبرز أنواع الحساسية التي تستفيد من العلاج بمضادات الهيستامين هي حساسية العين، وتكون في شكل قطرات مضادة للهيستامين أو قطرات أخرى تمنع إفراز مادة الهيستامين من الخلايا. كما تستفيد أيضا الأكزيما من هذه المضادات، إذ أن علاجها يحتاج لبعض الأدوية التي تحتوي على مضادات الهيستامين، التي تعمل على إبطال مفعول الهيستامين الذي تفرزه خلايا أنسجة  توجد في أعماق البشرة أثناء رد فعل تحسسي، ينتج عنه حكة شديدة. وتتمثل هذه الأدوية خاصة في مرطبات ومراهم أوعن طريق الفم.
مضادات الإحتقان: حيث يشيرالدكتور مجدي إلى أن هذه المضادات تُستخدم للتخفيف من أعراض الحساسية، كإحتقان الأنف، ويمكن أن تستخدم بالتزامن مع مضادات الهيستامين، وهي متوفرة في شكل بخاخ للأنف، قطرات للعين أوأقراص. وتعمل هذه الأدوية على تضيق الأوعية الدموية، وتقلل من تدفق الدم، لذلك هي تخفف من إحتقان الأنف. لكن من الأعراض الجانبية الأكثر شيوعا عن هذه المضادات، أنها قد تسبب الغثيان، صداع، العصبية والأرق. ويفضل تجنبها أثناء الحمل أو الرضاعة، ولا تستخدم لدى الذين يعانون من إرتفاع ضغط الدم الغير منتظم ومريض القلب. كما أن بخاخات الأنف التي تحتوي على مضادات الإحتقان لأتستخدم لأكثر من 3 إلى 4 أيام، فهي قد تسبب عودة الإحتقان وتورم الأنف، كما أن لهذه المضادات الكثير من التفاعلات الدوائية، وخاصة بعض أدوية الإكتئاب التي يجب تجنب إستخدامها معا لمدة 14 يوما. لذلك يجب أن يكون الطبيب على دراية بجميع الأدوية التي يتناولها المريض، قبل إستخدام مضادات الإحتقان. ومن أبرز أنواع الحساسية التي تستفيد من العلاج بمضادات الهيستامين والإحتقان هي الحساسية الأنفية.
الكورتيزون:وحول هذا النوع من الأدوية والمعروف طبيا بإسم الكورتيكوستيرويدات، يقول الدكتور درويش عنه، إنه يعمل على التخفيف من الإلتهابات المرتبطة بالحساسية، وأعراضها مثل العطس، الحكة وسيلان الأنف. ويتوفر الكورتيزون في شكل بخاخ للأنف، قطرات للعين أوحقن وهي بشكل عام عبارة عن مضادات للإلتهابات، تقلل من تشكيل وإفراز ونشاط المواد المسؤولة عن الإلتهابات الداخلية مثل الهيستامين، وبالتالي تخفف من أعراض الحساسية. ومن الأعراض الجانبية المعروفة لهذه الأدوية أنها قد تسبب العصبية، زيادة الشهية، مشاكل الهضم، الغثيان، الصداع  والدوخة  والأرق. ولا يفضل إستخدام الكورتيزون أثناء الحمل والرضاعة، حتى بخاخات الأنف، حيث لا توجد دراسات كافية حول أمان إستخدامها، كما لا تستخدم للأطفال ولها أيضا العديد من التفاعلات الدوائية. ولكن عموما يعتبر الكورتيزون  فعّال للغاية في أمراض الحساسية ذات الأعراض الشديدة التي لاينفع معها علاجات أخرى مثل الربو، إذ أن بعض أدويته  تكون على شكل أقراص أو شراب، ولكن معظمها تكون على شكل بخاخات، بحيث نجد بخاخ لتخفيف نوبة الربو، والتي تحتوي على أدوية تعمل على توسيع الشعب الهوائية، وغالبا ما يكون تأثيرها لمدة قصيرة. كما نجد أيضا بخاخ لمنع حدوث  نوبة ربوية أخرى، وغالبا ما يحتوي على نوع من الكورتيزون لتّخفيف من إلتهاب ممرات الهواء، وبالتالي تحسّين التنفس. كما يمكن لحساسية  العين الإستفادة من هذا العلاج ،وذلك من خلال قطرات يلجأ طبيب العيون لإعطائها  للمريض في حالات الأعراض الشديدة التي لا تستجيب لطرق العلاج الأخرى، إذ تحتوي هذه القطرات في تركيبتها على أحد مركبات الكورتيزون. مع العلم أن إستعمال هذه القطرات لفترات طويلة قد يسبب مضاعفات خطيرة للعين، كحدوث الماء الأبيض، أو إرتفاع  ضغط العين. لذلك يجب إستعمال هذه القطرات  فقط  تحت إشراف إختصاصي العيون، وعدم تكرار إستخدامها أو شرائها من الصيدليات دون إستشارة الطبيب. كما يمكن أيضا للأكزيما الإستفادة من هذا العلاج، حيث يستخدم الأطباء عادة مراهم الكورتيزون، التي تختلف في قوة تركيبتها بناءا على المكان المصاب في الجسم. فالأطفال المصابين بالأكزيما في الوجه  يُستخدم معهم الكورتيزون الخفيف الذي يحتوي في تركيبته على مرطبات، أما اليدين والساقين فيُستخدم معهم الكورتيزون المتوسط المفعول. أما إذا كانت الأكزيما مصاحبة بالإلتهابات في الجلد، فعادة ما يضاف المضاد الحيوي الموضعي. ولكن يجب العلم أن إستخدام مركبات الكورتيزون بالشكل الغير مناسب، أو لوقت طويل، قد تترك أثار جانبية، مثل ضُمور الجلد وإحمراره، لذلك يجب الحذر مثلا من إستخدام الكورتيزون القوي على الوجه ولمدة طويلة.    
العلاج المناعي: بما أن الحساسية تحدث كرد فعل مفرط للجهاز المناعي عند مواجهة بعض المواد التي هي في حقيقتها غير مضرة، فيفرز الجسم نوع معين من الأجسام المضادة التي تتسبب في أعراض الحساسية، لذلك فإن فكرة العلاج المناعي للحساسية، تقوم على محاولة تغير طريقة تعامل الجهاز المناعي مع مسببات الحساسية ومنعه من إفراز تلك الأجسام المضادة. وهو مايؤكده الدكتور مجدي درويش، مُضيفا أن هذا العلاج يعمل على جعل المصابين بالحساسية أكثر تحملا لمسببات الحساسية، فلا تتعامل أجسامهم معها كأنها مواد خطيرة. وأول خطوة في هذا العلاج هي تحديد المواد المسببة للحساسية، والتي من الممكن أن تكون أكثر من مادة، وتتم هذه الخطوة عن طريق " إختبارات الجلد " التي تحدثنا عنها آنفا، ثم بعد ذلك يبدأ الطبيب في إعطاء المريض جرعات من المواد المسببة الحساسية ضمن كميات صغيرة، وتسمى هذه المرحلة " زيادة الجرعة " ويتم إعطاء هذه الجرعات مرتين في الأسبوع، لفترة تمتد من 4 إلى 5 أشهر. وبمجرد أن تصل العملية إلى الجرعة الآمنة، تبدأ مرحلة أخرى تسمى " مرحلة الإستمرار"، حيث يأخذ المصاب بالحساسية جرعة واحدة كل شهر، ويظل يتناولها من 3 إلى 5 سنوات.
والعلاج المناعي ليس سحريا، فلا ينتظر المريض أن تتحسن حالته بعدة جرعات، فالتحسن يتضح في نهاية مرحلة " زيادة الجرعة "، أي بعد 4 إلى 5 أشهر. وإذ لم يُلاحظ إي تحسن لحالة المريض بعد سنة من العلاج، فهذا يعني أن العلاج المناعي لا يفيد المريض وبالتالي يجب الإقلاع عنه. ويمكن للطفل في سن 4 أو 5 سنوات أن يبدأ في هذا العلاج بإعتباره آمنا للأطفال، وكذلك الحقن التي تستخدم لتلك الجرعات رفيعة جدّا أو غير مؤلمة تقريبا، ومع تشجيع الوالدين يمكن للطفل تحمل العلاج و الإستمرار فيه، وهو عامة آمنا، ولكن قد يظهر بعض الإحمرار والتورم حول منطقة الحقن والتي عادة يتم إزالتها بكمادات باردة. وفي بعض الحالات النادرة جدّا قد تحدث مضاعفات، لهذا السبب يجب أن يتم أخذ الجرعات تحت الإشراف المباشر لطبيب، لتدارك أي آثار جانبية من الممكن أن تحدث. ولا يحتاج المريض الذي يشكو من حساسية خفيفة أن يلجأ لهذا العلاج، إذ يكفيه أن يتجنب مسببات الحساسية. ومن أبرز أنواع الحساسية التي تستفيد من هذا العلاج بأفضل نتيجة، هي حساسية الأنف والربو، فإذا تم معالجة المريض الذي يعاني من حساسية الأنف عن طريق العلاج المناعي، فلن يعاني بعد ذلك من أي حساسية لأي مسبب آخر، وغالبا لا تحدث نوبة ربو مرة أخرى.
وفي السنوات الأخيرة ظهرت طرق مختلفة لتناول العلاج المناعي على غرارالحقن، وذلك إما عن طريق الفم، أو تحت السان، وبالتالي أصبحت سهلة خاصة للأطفال، على عكس الحقن التي يخاف منها معظم الأطفال. وأصبح من الممكن أيضا تناول هذا العلاج في المنزل، بإعتبار أن الآثار الجانبية أصبحت أقل حدوثا بالمقارنة بالحقن. وبالتالي فإن العلاج المناعي هو العلاج الوحيد للحساسية الذي يمكنه أن يغير من تعامل الجسم مع مسببات الحساسية، أما العلاجات الأخرى فتتعامل مع الأعراض فقط. لذلك فإن هذا العلاج  يحتاج إلى الإستمرار والصبر والمثابرة، كما لا يوجد تعارض بينه وبين أي نوع من العلاجات الأخرى، كما يمكن للكبار إستخدام هذا العلاج أيضا، ولكن كلما بدأ مبكرا كان ذلك أفضل.
وبالتالي وإن إختلفت الخطة العلاجية لمرضى الحساسية من شخص إلى آخر، إلا أن كلها ترتكزعلى ضرورة بدىء العلاج مبكرا أي قبل بداية موسم الحساسية. لكن ربما لا يكفي علاج الحساسية بالدواء وحده، إنما يجب العمل على تقليل المواد المثيرة للحساسية إلى أدنى حدّ ممكن في بيئة المريض الداخلية (المنزل) أو الخارجية. لذلك  يُعتبر تجنب مسببات الحساسية  يوميا خلال فصل الربيع من الخطوات الناجحة. وبالتالي فإن أغلب خبراء الحساسية  يتفقون على أن الوقاية خير من العلاج.
الوقاية خير من ألف علاج:
هناك الكثير من الخيارات غير الدوائية لمعالجة مرض الحساسية، حيث أن قطّع الطريق على العوامل البيئية سواء في المنزل أو خارجه، يعتبر حجر الزاوية في إبعاد شبح الحساسية. إذ تعتبر الوقاية من أهم طرق علاج الحساسية وخصوصا إذا عُرفت المسببات، وتختلف هذه الطرق بإختلاف نوع الحساسية، فبالنسبة للحساسية التنفسية فينصح الدكتور مجدي درويش بجملة من التدابير الوقائية من أهمها:
­­ ـ تفادي الإحتكاك المباشر مع الطبيعة في فصل الربيع، خاصة في الصباح الباكر حيث تكون حبوب اللقاح في ذلك الوقت بأعلى نسبة في الجو.
ـ الإبتعاد عن الحيوانات الأليفة.
ـ عدم التدخين في المنزل.
ـ تقليل نسبة الرطوبة داخل المنزل قدر الإمكان والسماح  بأشعة الشمس بالعبور إلى داخله وتهوئته خصوصا غرف النوم.
ـ عدم وضع نباتات الزينة داخل الغرف.
ـ تفادي إستعمال أسرة وأغطية أو وسادات تحتوي على الريش أو صوف الخروف.
ـ تجنب بخ المعطرات بكل أنواعها، سواء في الجو أو على الملابس.
ـ تفادي بخار الطبخ أو الشواء.
ـ التخلص من الصحف والأشياء القديمة التي قد تكون مرتعا للغبار والعفن والفطريات.
ـ رفع السجاد من الأرض لأنه يشكل موطنا للحشرات و الطفيليات، ويفضل أن تكون أرض المنزل من البلاط أو الخشب.
ـ إستخدام المحلول الملحي في الإستنشاق لتخفيف من الأمراض البسيطة، أو غسل الأنف بالماء بشكل منتظم لتنظيفه من حبوب اللقاح العالقة به.
ـ يجب دائما غسل ألعاب الأطفال المحشوة التي يكثر فيها عث الغبار المنزلي.
أما فيما يخص الحساسية الصدرية أو الربو، فتنصح الرابطة الألمانية بضرورة إتخاذ بعض التدابير والإجراءات الوقائية البسيطة، التي من شأنها الحدّ من المتاعب التي تسببها هذه الحساسية، وتتمثل هذه التدابير خاصة في:
ـ غلق زجاج نوافذ السيارة عند ركوبها.
ـ تشغيل مكيف الهواء المزود " بفلتر" لتنقية الهواء من حبوب اللقاح والأتربة، والذي يفضل إستبداله سنويا.
ـ تزويد نوافذ الغرف بشبكة لمنع حبوب اللقاح من العبور.
ـ خلع الملابس الخارجية قبل الذهاب إلى النوم وإبعادها عن غرفة النوم.
ـ الإهتمام بغسل الشعر جيدا، وذلك حتى لا تسلل حبيبات اللقاح إلى داخل الوسادة، ومنها إلى الأنف لتستقر في الرئة.
ـ عدم التعرض للهواء المحمل بالأتربة قدر الإمكان.
أما بالنسبة لحساسية العيون فيأكد الدكتوردرويش على أن هناك العديد من الطرق الوقائية المثمرة التي من شأنها أن تخفف من أعراض المرض وخاصة الرمد الربيعي، ومن هذه الطرق الوقائية نذكر:
ـ المواظبة على إستخدام الكمادات الباردة، وعدم إستخدام الماء الساخن لغسل الوجه.
ـ تجنب أشعة الشمس ودرجات الحرارة العالية.
ـ تجنب الأماكن التي تكون الملوثات الهوائية فيها عالية، كالغبارو الأتربة.
ـ إستخدام النظارات الشمسية الأصلية والمزودة بمرشح للأشعة فوق البنفسجية، وخاصية الإستقطاب التي تمنع الأشعة المنعكسة من الأسطح المستوية من الدخول إلى العين.
ـ ضرورة الإهتمام بالنظافة الدائمة، وغسل الوجه والعينين بالماء والصابون اللطيف على الجلد، لتطهيرهم من الجراثيم التي تسبب أمراض العيون.
ـ تفادي لمس العين أو حكها.
ـ عدم إستخدام العدسات الاصقة لأنها تزيد من أعراض الحساسية.
ـ يجب الإهتمام براحة العين، وذلك بأخذ القسط المناسب من النوم من أجل صحة العين وسلامتها.
ـ بالنسبة لسيدات يجب الإمتناع عن إستخدام أدوات التجميل بقدر ما أمكن.
ـ تغير الأغطية الدائم.
أما فيما يخص الحساسية الجلدية أو الأكزيما فينصح الدكتورمجدي خاصة ب:
ـ ضرورة الإبتعاد عن أكل الأشياء التي من شأنها أن تسبب حساسية الجلد، مثل الأكل المُقلى والأكلات المضافة لها السكر والألوان الإصطناعية والمنكهات....
ـ الإمتناع عن إستخدام أنواع من الكريمات والصبغات المسببة لظهور حكة وطفح جلدي.
ـ الإبتعاد عن المواد المهيجة للجلد مثل الصابون و المواد الكميائية.
ـ تجنب إرتداء الملابس الخشنة على غرار الصوف، وإستعمال الملابس التي تسمح للجسم  من خلالها بالتنفس خاصة منها القطنية 100 بالمائة ، الخفيفة والمشطوفة جيدا بالماء بعد الغسل، ونفس الشيء بالنسبة لأغطية السرير.
ـ تقليم أضافر الطفل بإستمرار للحلول دون خدش الجلد أثناء الحكة الشديدة.
ـ التقليل من الإستحمام  قدر الإمكان لتجنب جفاف الجلد.
ـ إستعمال الكمادات الباردة على الأمكان التي تعاني من الحكة.
ـ ممارسة الرياضة، بأعتبار أنها تزيد من دوران الدم، مع الحرص على الإستحمام مباشرة بعد الإنتهاء لتخلص من العرق.
وإلى جانب ماذكر آنفا، تبقى حبوب اللقاح( حبوب الطلع) من أبرز المسببات لشتّى أنواع الحساسية الربيعية، وتجنبها يعتبر أمراصعبا، نظرا لإنتشارها في كل مكان، لكن يرى بعض الأطباء أن هناك بعض الخطوات الوقائية التي من شأنها أن تساعد على التقليل والتخفيف من آثارها على المريض، وتتمثل هذه الخطوات في:
ـ  البقاء داخل المنزل في الأيام التي تنشط بها الرياح والأتربة، وبالتالي تزداد فيها نسبة حبوب اللقاح المتطايرة  في الجو.
ـ الغسل المتكرر للقبعات والجاكيتات، خلال موسم الربيع أو فترة تناثر حبوب اللقاح.
ـ عدم ترك الغسيل يجف في الخارج خلال الربيع، لأن رطوبته تحوله إلى لاقط أساسي لحبوب اللقاح.
ـ تفادي التنزه في الأماكن التي تنتشر بها الزهور كالحدائق والمنتزهات.
كما للنظام الغذائي دور في الوقاية من الحساسية، فوفقا لما ورد بمجلة  المعالجة بالطبيعة "نيتشروبات" الألمانية، من خلال دراسة ألمانية، أن الأشخاص الذين يعانون من الحساسية يجب أن يقللوا من الأطعمة الغنية بالهيستامين، والتي تتواجد في سمك التونة، النقانق والفطر. وذلك لإراحة جهازهم المناعي. كما تنصح الدراسة أيضا بضرورة الإستغناء بدرجة كبيرة عن منتوجات الألبان ، كما خلُصت الدراسة  أيضا على أن هناك ثلاث عوامل مهمة تلعب دورا هاما في تحصين وتعزيز نظام المناعة، وهي إتباع نظام غذائي صحي، ممارسة الرياضة والعيش بدون توتر وقلق، مع شرب طبعا القدر الكافي من الماء. كما ينصح الأطباء أيضا بضرورة شرب العصائر الحمضية الغنية بفيتامين "سي" كالبرتقال والليمون، لتقوية الجهاز المناعي للجسم.إلى جانب النظام الغذائي، فقد أفادت دراسات علمية أن الإفراط  في النظافة في فترة الطفولة، قد تلعب دورا في إضعاف الجهاز المناعي، وبالتالي تشجع على الإصابة بالحساسية. إذ أن التعرض للجراثيم في سن الطفولة المبكرة من شأنه أن يعزز قوة الجهاز المناعي للإنسان. كما أصبحت لتكنولوجيا دورا في الوقاية من أمراض الحساسية، حيث سعت شركة " فورد" لصناعة سيارات، لمساعدة عملائها في تجنب مشاكل الحساسية، وذلك  من خلال بعض التعديلات والخيارات الإضافية، التي من شأنها أن تجعل السيارة مكان صحي، ذو بيئة نظيفة، مع تعزيز القدرة على القيادة بأمان لفترة طويلة. إذ عملت هذه الشركة على صناعة سيارات خالية من المواد المسببة للحساسية والتهيج، كما أنها مزودة ب"فيلتر" هواء يمنع العوالق والأتربة من الدخول لسيارة. وإلى جانب السيارات، فقد أصبح للهواتف الذكية دور أيضا في الوقاية من الحساسية، وذلك من خلال تطبيقات تستطيع أن تمدّ صاحبها بمستوى الحساسية داخل السيارة، إذ يستطيع قائد السيارة من خلال خاصية الصوت معرفة عدد حبوب اللقاح ومستوى مسببات الربو والبرد والإنفلوانزا، وكذلك مستوى الأشعة فوق البنفسجية داخل السيارة.
وبالتالي تبقى الوقاية الخيار البديل بالنسبة لمرضى الحساسية، بدل دخولهم  في متاهة العلاج والأدوية وما ينجر عنها  من مخلافات جانبية. ولكن إلى جانب الوقاية هناك أيضا الوصفات الطبيعية أو بالأحرى التداوي بالأعشاب، فبما أن الحديث يدور حول ظاهرة هي في الأصل ردة فعل مبالغ فيها من جهاز المناعة، فقد وُجد أنه بالإمكان خلق نوع من التوازن في الجهاز المناعي بواسطة بعض الأعشاب والزيوت المضادة للحساسية والتي ليس لها آثارسلبية على جسم الإنسان.
علاج الحساسية بالوصفات الطبيعية:
ولأن لكل داء دواء، فهناك علاج للحساسية من خلال إستعمال بعض أنواع من أعشاب في وصفات طبيعية تستحق التجربة، ومن أهم هذه الأعشاب نذكر:
ـ اليانسون: والذي يعرف أيضا بحبة الحلاوة، إذ يحتوي على مواد كميائية تعرف بإسم الكريزول، والتي تساعد على توسيع الممرات الهوائية، وإخراج الإفرازات الموجودة داخلها. وتتمثل وصفة اليانسون في إضافة ملعقة يانسون إلى كوب ماء مغلي لمدة عشر دقائق ثم يُصف ويتم شربه  مرة في الصباح وأخرى في المساء.
ـ القراص: والذي يعرف أيضا بالحُريقة، إذ تعمل جذور وأوراق نبات القراص عند إستعمالها على شكل شاي، في فتح الممرات الهوائية الرئوية، وتعتبر فعّالة في حالة الربو، كما تساعد أيضا في تخفيف سيلان الأنف وإحتقان الجيوب الأنفية.
ـ المردقوش: ويعتبر من النباتات المطهرة، ويفيد مُغلا لعلاج إلتهابات الأنف التحسسية.
ـ العرقسوس: ويستخدم لعلاج أمراض الحلق والكحة والربو، ويكفي أن تأخذ مِلأ ملعقة شاي من عرقسوس وتوضع في الماء المغلي لمدة 10 دقائق، ثم يصفى ويشرب المزيج  بمعدل 3 مرات في اليوم. كما يساعد إستخدام جذور عرق السوس في إستعادة التنفس الطبيعي، كما ينتج عرق السوس نوعا من الهرمون يعمل كمادة مضادة لتهيج الحساسية، ويعالج أيضا الأكزيما عندما يكون على شكل مرهم.
ـ بذور الكتان: وهي من الأغذية الغنية بالأحماض الدهنيةَ (أمغاـ3) والتي تساهم في تقليل مشكلات الجهازالتنفسي والحساسية.
ـ أوراق اليوكاليبتوس: والتي تعرف أيضا بالكافور، والجزء المستخدم من هذه النبة هي الأوراق التي تحتوي على مركب البروتين المسؤول عن خفض الإلتهابات في ممرات القصبة الهوائية، وتستعمل هذه الأوراق إما طازجة أو جافة  كمشروب مغلّى بمعدل كوب في اليوم ويستفيد من هذه الوصفة خاصة مرضى الربو.
ـ الأناناس: يحتوي على مركب يعرف بإسم البروملين، وهو مفيد جدّا في علاج الإلتهابات الأنفية، ويستعمل كعصير.
ـ البابونج:  إذ يعمل على تخفيف من حدة ومدة الحساسية، ويتم تناوله على شكل مشروب بمعدل ثلاث مرات أسبوعيا.
ـ أوراق الزعتر: يعمل على التخفيف من إحتقان الأنف، ويستعمل جاف، حيث يتم نقعه في كوب من الماء المغلي ومن ثم إستنشاق بخاره.
وبالإضافة إلى الأعشاب والنباتات المضادة للحساسية، أثبتت التجارب بأن التدليك بإستعمال أنواع معينة من الزيوت العطرية (الطيارة) التي تستخدم لأغراض طبية ومستحضرات دوائية، قد تساعد جديا في مقاومة الحساسية، كما من شأنها أن تؤثر إيجابيا على نفسية المريض، إضافة لتأثيراتها العضوية. ومن أبرز هذه الزيوت نجد :
ـ زيت الخزامى: يساعد على تهدئة الجهاز العصبي إلى جانب كونه مضاد حساسية فعّال وأيضا مضاد هيستاميني.
ـ زيت البابونج: وهو مضاد فعال للحساسية، يدعم الجهاز المناعي ويقلل من آلام الرأس ويساعد على تهدئة الأعصاب.
ـ زيت اللوز الحلو: يستعمل هذا الزيت كدهان لمعالجة الأكزيما، وذلك بوضعه على المكان المتحسس بمعدل 3 إلى 5 مرات في اليوم.

وبالتالي فيمكن أن نستخلص مما ذُكر آنفا، أن الحساسية هي نتيجة صراع يدور رحاه بين المادة المحسسة والجهاز المناعي، فينشأ عن ذلك إطلاق أجسام مضادة تتولى مهمة الدفاع عن الجسم في حال حاولت المادة المحسسة إقتحامه مرة أخرى، فينتج عن هذه المعركة سلسلة من التفاعلات التي تخلف ورائها جملة من العوارض التي قد تكون أحيانا شديدة، وقد تظهر لدى الأغلبية في سنوات الطفولة، إذ يتدخل عامل الوراثة بشكل كبير في الإصابة بمرض الحساسية، على الرغم من أن هناك البعض من الأشخاص الذين يصابون بالحساسية لأول مرة في عمر متقدم. ويبقى إستفحال عوارض الحساسية مرتبط إرتباطا كبيرا بالعديد من العوامل المتداخلة، مثل عوامل الأسلوب الحياتي، كالتغير في الغذاء، المناخ الداخلي الغير صحي، إضافة للعوامل البيئية والملوثات الهوائية، إلى جانب طبعا ظاهرة الإحتباس الحراري. الأمر الذي دفع العديد من الخبراء والأطباء إلى العمل على التصدي لهذه العوارض على عجل، وذلك إما من خلال العلاج بالأدوية التي يضطر الطبيب إلى إعطائها للمريض دون إيقافها، لأنه لايقتلع الحساسية من جذورها، وإنما يقلل فقط من أعراضها وحجم مخاطرها. حيث أن إيقاف العلاج  قد يعيد تدهور الحالة لدى المريض الذي يجد نفسه في متاهة العلاج والأدوية. لذلك يجب العمل على الوقاية من هذه الأمراض قبل أن يتعرض لها المريض على الأقل شهر قبل بدأ موسم الحساسية، ويتم ذلك إما بإستعمال الأدوية أوبإتباع التدابير الوقائية الضرورية أو بإستعمال الوصفات الطبيعية. ولكن بغض النظر عن الطريقة التي يختارها المريض للعلاج، فإنه في جميع الحالات سيجد نفسه يمر بقدر كبير من التجربة  والخطأ، لمعرفة الخطة العلاجية المناسبة له. ولكن الفارق بين هذه التجارب هي الآثار الجانبية التي تنجرّ عنها، فمنها من تخلف آثار جانبية خطيرة عند إستعمالها مثل الكورتيزون...ومنها من تعتبر آمنة حتى في حال فشلها مثل الوصفات الطبيعية... كما تأثر الحساسية أيضا على نمط حياة المريض الإجتماعية، لما تثيره من تعب مزمن، قلة التركيزوكثرة التغيب عن العمل أو الدراسة، فضلا عن الحرج الإجتماعي الذي تسببه نتيجة العطس المتكرر وسيلان الأنف. ولكن في نهاية المطاف يجب التسليم بأن مرض الحساسية من الأمراض التي يجب التعايش معها " مكرها أخاك لا بطل " لأن كل الأدوية والتدابير الوقائية إلى جانب الوصفات الطبيعية، لا تردعها إذا أتى موسمها.

Friday, April 25, 2014

نساء الربيع العربي في عيدهن العالمي



يعتبر الثامن من شهر مارس من كل عام يوم المرأة العالمي بكل ما تعنيه الكلمة من معاني، فالنساء تجتمعن من كل مكان في العالم بغض النظرعن الإختلافات اللغوية والمرجعية الثقافية، الإقتصادية، السياسية والدينية للإحتفال به. إذ يُعدّ مناسبة مثالية لإستعراض تقدم الإنجازات التي تقام لصالح المرأة و تقييم التحديات التي يجب على النساء التغلب عليها في مجتمعنا اليوم، والتعرف على الوسائل التي تمّ إتخاذها لتحسين وضع المرأة، التي تعتبر شريحة هامة وأساسية من شرائح المجتمع. فلقد خطت المرأة خطوات جبارة في العديد من الدول في مجمل الكرة الأرضية، وشرّعت الدول تشريعات قانونية تساند حقوقها الشرعية والمدنية والإنسانية وترفع من مكانتها في المجتمع بما يليق بها بإعتبارها الجزء المكمل لدائرة الحياة الإنسانية والإجتماعية مع باقي المكونات الأخرى مثل الرجل والطفل... ولقد رسخت الدول المتقدمة والدول النامية في دساتير بلدانها ما يؤشر بشكل واضح وصريح إلى مفاهيم الأمم المتحدة بحفظ حقوق المرأة في حياة حرة وكريمة وكيان واضح وقوي ومكمل للنصف الأخر الذي هو الرجل ولكن رغم كل القوانين والأعراف المدنية والإنسانية والقوانين الوضعية والسماوية التي تحاول أن تنصف المرأة وترفع الظلم عنها نجد أن هناك تجاذبات كثيرة وشدّ وتشدّد والتعصب الديني، إلى جانب بعض الطقوس المجتمعية بحق المرأة مما يجعلها خاضعة، تابعة وذليلة في بعض المجتمعات
ولكن الآن و بعد مرورأزمنة عديدة من حرمانها من حقوقها أصبحت المرأة تساهم في حركة التطوروالتحديث في المجتمعات ونخصّ بالذكر الدور المتميز الذي قامت به المرأة في ثورات الربيع العربي، جنبا إلى جنب مع الرجل من أجل تحقيق الحرية والعدالة الإجتماعية، فقد قامت المرأة بشجاعة وإبداع بدور مركزي في عملية الإطاحة بالأنظمة المستبدة، مما رفع من سقف آمالها في تحقيق المساواة والكرامة في ظل مجتمعات تسودها الحرية وإحترام حقوق الإنسان وسيادة  القانون. وعلى الرغم من أن الدول العربية تتميزبالتشابه في الملامح العامة الناتجة عن الموروث الثقافي والبنية الإجتماعية والسياسية والدينية، إلاّ أن هناك تباينا يضفي خصوصية على تجربة كل الدولة وتنعكس على طبيعة ودينامكية الحراك الديمقراطي بالإضافة إلى الإختلاف بالنسبة لظروف وواقع المرأة في هذه الدول. فهناك من الدول على الرغم من نضال نسائها من أجل الحصول على حقوقهن ومكتسباتهن إلاّ ان آمالهن إصدمت بواقع أليم إتسمى بالتخلي عنهنّ وتهميشهنّ إن لم نقل تشريدهن. في حين هناك من الدول من إستطاعت نسائهم من تحقيق جزءا هاما من آمالهن، حيث مشيّن خطوة كبيرة إن لم نقل تاريخية في مسيرة نضالهن للحصول على حقوقهن ومكتسباتهن، وأكبر مثال عن ذلك المرأة التونسية.
المرأة التونسية:  دائما متميزة بأحقية وإستحقاق
لا أحد ينكرالدورالأساسي للمرأة التونسية في إنجاح  ثورة الياسمين، حيث أثبتت ولازالت تثبت نجاحها بأحقية وإستحقاق في قيادة إجتماعية شملت شتّى المجالات وغيرها من الأمور التي جعلت منها المركز العصبي الحساس لتكوين بنية إجتماعية متماسكة، كما إستطاعت بحنكتها وذكائها تجاوز جلّ العراقيل لتصل إلى برّ الأمان. هذا ليس بغريب عن "إمرأة الحدّاد" التي حضيت منذ الخمسينيات بحق المساواة مع الرجل وذلك في ظل مجلة الأحوال الشخصية التي أقرها الرئيس حبيب بورقيبة سنة 1956.  وهاهي اليوم تحتفل بعيدها وفي جُعبتها جملة من الإنجازات والمكاسب التي نستعرض منها خاصة الفصل 46 من الدستور التونسي الجديد الذي يُلزم الدولة بحماية الحقوق المكتسبة للمرأة، والعمل على دعمها و تطويرها وضمانها لتكافئ الفرص بين الرجل والمرأة في تحمل مختلف المسؤوليات وسعيها إلى تحقيق التناصف بين المرأة والرجل في المجالس المنتخبة وإتخاذ التدابير الكفيلة للقضاءعلى العنف ضدّ المرأة. وما كان لذالك أن يتحقق لولا تجنّد المرأة التونسية ويقظتها ومتابعتها الدائمة لإعداد هذا الدستور و تطور المشهد السياسي من حولها، إذ نجدها دائما تسعى لإعتلاء أعلى المناصب السياسية وتعزيز حضورها في مراكز صنع القرار. كما وتمّ بمناسبة الإحتفال باليوم العالمي للمرأة هذا العام إنطلاق بثّ أول قناة تلفزية نسائية أورومتوسطية "نساء تي في" وأول إذاعة نسائية "أرأف أم " يُعنيان بشؤون المرأة، وتعزيزا لدورها في خلق مجتمع أكثر حرية و إنفتاح، وهذا إن دّل على شيء فهو يدل على المكانة  المتقدمة التي تحتلها المرأة في تونس، والعالم يشهد بهذه المكانة، حيث نشرت صحيفة "هافنجتون بوست" الأمريكية لائحة بثماني أسماء لنساء من أنحاء العالم، قالت أنهنّ جعلّن العالم مكانا أفضل لعام 2014، إحتلت فيها التونسية محرزية العبيدي النائب الأول لرئيس المجلس الوطني التأسيسي في تونس، المرتبة السادسة. ولازال دور المرأة التونسية يتزايد و مشاركتها لا تقل..أملا في مستقبلا أفضل لبلادها وأولادها.
ولكن هل أتى الربيع العربي بثماره لبقية النساء مثلما الحال بالنسبة للمرأة التونسية؟ أم أن أحلامهن بحقوق وحريات أكبر لم تتحقق بعد؟
المرأة المصرية: "صوت المرأة ثورة و ليس عورة"
 منذ ثورة 25 جانفي 2011 والمرأة المصرية تلعب دورا كبيرا في ميدان التحرير، بحثا عن الحرية والعدالةالإجتماعية تحت مبدأ "صوت المرأة ثورة وليس عورة" فحظيت ببعض من حقوقها المتمثلة خاصة في المادة 11 من الدستور والتي تكفل المساواة للمرأة، والمادة 12 التي تأكد على أهمية تعليم الفتيات، كما تم بمناسبة عيد المرأة هذه العام ترشيح الدكتورة والأديبة المصرية  نوال السعداوي لنيل جائزة بإعتبارها واحدة من بين النساء الآتي لديهن قوة وتأثير في العالم . ولكن على الرغم من هذه الإنجازات و نضالات المرأة المصرية المستمر في تحقيق المساواة والعدالة الإجتماعية، إلاّ أن هناك من المراقبون والمحللون من يرى أن المرأة المصرية لازالت تتعرض للتحرش والعنف والإنتهاكات. كما يأكد أيضا تقرير مؤسسة"طمسون رويترز" الذي صدر في أواخر العام الماضي على تدني وضع المرأة في مصر مقارنة بالنساء في البلدان العربية الأخرى، ويخصّ التقرير مصر بالذكر بما أسماه "بالتطور السلبي" بالنسبة للمناخ القانوني لمزاولة النساء للأعمال المختلفة، مثال لذلك الحصة القانونية للنساء في مجال إدارة المؤسسات العمومية أوالبرلمانيات أوالحكومة المحلية والقوانين التي تمنع الممارسات التميزية أثناء التعيين. وقد جاءت تونس والجزائر والمغرب في منتصف القائمة من أصل 123 دولة عربية بينما جاءت مصر والضفةالغربية وغزة في ذيل القائمة.
المرأة الليبية..الحاضرة الغائبة.
كان للمرأة الليبية  دورا كبيرا في إنجاح الثورة أوبتعبير أصح في إسقاط  نظام القذافي، ومازالت تكافح من أجل نيل حقوقها في ليبيا الجديدة، وذلك من خلال مشاركتها في بناء مؤسسات المجتمع المدني التي تتوخى منها المساهمة في تثبيت أسس الديمقراطية في البلاد، حيث نجدها في مراكز صناعة القرار مثال لذلك المؤتمر الوطني الليبي العام الذي يضمّ 33 سيدة من مجموع 200، إلى جانب الكتلة النسائية في البرلمان الليبي والتي تُعدّ واحدة من أفضل كتل البرلمان الممثلة ب29 إمرأة، دون أن ننسى طبعا الإعلامية الليبية بشرى الهوني التي تم إختيارها من قبل منظمة الإتحاد البرلماني الدولي متعدد الأغراض، كسفيرة للنوايا الحسنة لحقوق المرأة والإعلام. ولكن على الرغم من الدور المتصاعد الذي تلعبه المرأة الليبية بعد الثورة، إلاّ أنه يظل محتشم يكاد يكون منعدم، وهذا ما تأكده أيضا المنظمة الحقوقية "هيومن رايتس ووتش" التي حذّرت وبشدّة في تقريرها الأخير عن وضع المرأة الليبية، ومن تقهقرها، وإختفائها من الصورة تماما. كما ساهمت بعض القرارات التي إتخذتها الحكومة الليبية في تراجع مكاسب المرأة، مثال لذلك قرار المحكمة العليا في رفع القيودعن تعدد الزوجات إلى جانب تعليق وزارة الشؤون الإجتماعية تراخيص زواج الليبيات من أجانب، وغيرها من القرارات التي إن دلت على شيء فهي تدل على ضرورة تغير العقلية السائدة بالمجتمع الليبي في فهمه لحقوق المرأة. فكيف للمرأة الليبية أن تحقق إنجازات ومكاسب إضافية وهي ليست موجودة بمراكز القرار فعليا؟
المرأة اليمنية ...المشوار مازال طويل
 لايزال العالم  يذكر دورالمرأة اليمنية في تظاهرات الربيع العربي التي أطاحت بالرئيس السابق علي عبدالله صالح، حيث خرجت النساء ليطالبن بحياة ومستقبل أفضل، وقد كانت لحظة إستثنائية لليمنين آنذاك. كما كان للمرأة اليمنية تأثيرا كبيرا في الإنتخابات الرئاسية والبرلمانية والمحلية إلى جانب الرجل، وشاركت بفعالية في ساحات التغير وأثبتت حضورها في مؤتمر الحوار الوطني وشكلت 30 من قوام أعضائه إلى جانب إلتزام الدولة بتمثيلها في سلطات الدولة بما لا يقل عن 30 وتمكينها من نيل حقها في كافة المجالات وخدمات الضمان الإجتماعي وتجريم التميزو العنف ضدها. وتجسيدا للدور الفاعل الذي تلعبه المرأة  اليمنية في المجتمع  تمّ بمناسبة عيد المرأة العالمي لهذه السنة إختيار الناشطة الحقوقية والكاتبة الصحفية توكل كرمان الحائزة على جائزة نوبل لسلام سنة 2011، كواحدة من بين أهم 100 إمرأة كان لهنّ قوة وتأثيرفي العالم لسنة 2014. ولكن على الرغم  من هذا التحسن في مشاركة المرأة اليمنية في الحياة السياسية والعامة، إلا أنها لازالت تخوض صرعا ضاريا لنيل حقوقها في بلد محافظ  بقدركبير، يُعرف بزواج القاصرات في غياب الحد الأدنى لسن الزواج، هذا ما تؤكده مؤسسة "طومسن رويترز" في دراسة لها تُعنى بحقوق المرأة ووضعها في العالم العربي بعد مرور ثلاث سنوات على أحداث الربيع العربي، حيث إحتلت فيها اليمن المرتبة الخامس كأسوء بلد في مجال حقوق المرأة من أصل 22 دولة عربية. كما أن هناك من المحللون من يرى أن الطريق لا يزال طويل أمام المرأة اليمنية في المجتمع  اليمني الذكوري، إذّ لازالت لا تتمتع بالكثيرمن الحقوق رغم أنها بحكم القانون والدستور لديها الكثيرمنها مثل حق التعليم والميراث والرعاية الصحة... والكثير من الحقوق الأخرى التي تبدولأي مواطن في العالم أنها مضمونة ومسلم بها ولكن في اليمن مازالت طموحات.
المرأة السورية في عيدها: نازحة... مشردة... خائفة.   
إحتفل العالم هذه السنة بيوم المرأة، والمرأة السورية إما نازحة أومشردة أومنكوبة بفقدان بيتها و ذويها، وترزح تحت وطأة الخوف والعوز وفقدان الأمل. ناهيك عن معانات الشابات وقلقهن على مستقبل التعليم والحريات والنزعات العنيفة التي تعممها الحرب بإستمرار، و قبل كل هذا حقها في الحياة، السكن، الغذاء، الدواء والأمن الذاتي . مما يضعها أمام مسؤوليات و تحديات جسيمة لم يسبق أن تم إعدادها لمواجهتها. ويبرز ذلك خاصة في التمثيل الضعيف للمرأة في أُطر المعارضة وعدم تمكينها من المشاركة في صنع السياسات وإتخاذ القرارات، مما يجعل الكلام عن حقوقها ومكتسباتها مسألة قاسية ومؤلمة.
المرأة في عيدها... علاقة تكامل ومشاركة مع الرجل
إن الإحتفال باليوم العالمي للمرأة لم يعد حكرا على النساء يُقيمن فيه إنجازاتهن أو يقفن على التحديات التي تواجههن أو ينددن بمعاناتهن، فقد آن الأوان ليدرك الرجل بأنه يوم خاص بالإنسان سواء أكان ذكرا أوأنثى، وسيصبح يوما إحتفاليا خاليا من المعاناة والتحديات لكلا الجنسين إذا إقتنع الرجل بأهمية المساواة بين الجنسين، وإذا تعالت أصواتهم بالدفاع عن حقوق المرأة وإذا إقتنع بأن الفائدة ستعود على الجميع، أفرادا وعائلات ومجتمعات. ولكن هذا لا يعني أن كل الرجال لا يؤمنون أو يدافعون على حقوق المرأة والمساواة، بل على العكس فإن أغلب النساء الاتي إرتقين مناصب هامة سواء أكانت سياسية أوغيرها من المجالات، كان رجل معلم في حياتهن المهنية كمؤثر رئيسي. وفي الغالب يتسم هؤلاء الرجال بحس قوي من الإنصاف، ويكون لديهم إهتمام واسع بقضايا المساواة وتوزيع الموارد في المجتمع. ولا يؤمن هؤلاء الرجال بمثل تكافئ الفرص والمساواة فحسب بل إنهم أيضا على إستعداد لدفاع عنها علنا. ويركز هؤلاء الرجال على القيم الأطول أجلا، فهم يرون فوائد في تقاسم المسؤليات مع شريكة حياتهم، في إدارة المسائل المالية والمنزلية. ولا يتحقق كل هذا إلا بتغيرالتوقعات التقليدية بشأن ما يمكن أن يكون عليه الزوج أوالأب... الرجل عموما، والإيمان بأن العلاقة بين الرجل والمرأة هي علاقة تكامل ومشاركة، لاعلاقة تنافر ومناكفة.
وكما ذكرنا آنفا فإن الإحتفال باليوم العالمي للمرأة، الذي يحمل معه ذكرى إنطلاق أول ثورة نسائية صارخة ضد العنف والإضطهاد والتميز، حيث أسهمت نضالات النساء في العالم من أجل تناول قضية المرأة ومطالبها في المحافل الدولية، يعدّ فرصة للتذكير بتقدم المرأة الذي لا يمكن إنكاره إلى جانب رفعتها وهيبتها في مجالات عديدة. نساء رفعن من شأن مجتمعاتهن بكل فخر وإعتزاز بإعتبارهن مكونات إنسانية رائعة ترسم ملامح مجتمع مدني متطور، فكانت المرأة الأم، المربية ، الطبيبة، العالمة، الحاكمة، المهندسة، الوزيرة، العاملة، الطالبة.... ولكن على الرغم من كل هذه الإنجازات مازالت المرأة تتعرض للكثير من الإنتهاكات والعنف بشتى أنواعه بشكل يومي في العديد من المجتمعات. كما لازالت المرأة تشعر بالتفريق بينها وبين الرجل سواء في العمل أوفي الشارع أو في الأسرة، لذلك هناك العديد من المواثيق والحقوق التي يجب أن تُطبق لصالح المرأة والتي هي في الأصل موجودة ولكن العمل بها غيرموجود أي أنه بالرغم مما أنجز بحق المرأة إلاّ أنه مازال يحق لها بالمزيد.
فتحية للمرأة في عيدها المجيد، تحية للأم والأخت والزوجة. تحية للمرأة البطلة، المناضلة، الأرملة، المُعوقة، المنسية، المهمشة. تحية للمرأة التي تواجه الإرهاب والعبودية والفقروالإستبداد والمتخلفين من الرجال ا الذين لا يقدرون أهميتها ولا يعيرون شأنا لكرامتها. تحية للمرأة التي ناضلت ولازالت تناضل حتى الآن للحصول على حقوقها ومكتسباتها. فكل عام وأنتن بخير يا نساء العالم، وأحلى شمعة مضيئة لنساء الربيع العربي.