Friday, April 25, 2014

نساء الربيع العربي في عيدهن العالمي



يعتبر الثامن من شهر مارس من كل عام يوم المرأة العالمي بكل ما تعنيه الكلمة من معاني، فالنساء تجتمعن من كل مكان في العالم بغض النظرعن الإختلافات اللغوية والمرجعية الثقافية، الإقتصادية، السياسية والدينية للإحتفال به. إذ يُعدّ مناسبة مثالية لإستعراض تقدم الإنجازات التي تقام لصالح المرأة و تقييم التحديات التي يجب على النساء التغلب عليها في مجتمعنا اليوم، والتعرف على الوسائل التي تمّ إتخاذها لتحسين وضع المرأة، التي تعتبر شريحة هامة وأساسية من شرائح المجتمع. فلقد خطت المرأة خطوات جبارة في العديد من الدول في مجمل الكرة الأرضية، وشرّعت الدول تشريعات قانونية تساند حقوقها الشرعية والمدنية والإنسانية وترفع من مكانتها في المجتمع بما يليق بها بإعتبارها الجزء المكمل لدائرة الحياة الإنسانية والإجتماعية مع باقي المكونات الأخرى مثل الرجل والطفل... ولقد رسخت الدول المتقدمة والدول النامية في دساتير بلدانها ما يؤشر بشكل واضح وصريح إلى مفاهيم الأمم المتحدة بحفظ حقوق المرأة في حياة حرة وكريمة وكيان واضح وقوي ومكمل للنصف الأخر الذي هو الرجل ولكن رغم كل القوانين والأعراف المدنية والإنسانية والقوانين الوضعية والسماوية التي تحاول أن تنصف المرأة وترفع الظلم عنها نجد أن هناك تجاذبات كثيرة وشدّ وتشدّد والتعصب الديني، إلى جانب بعض الطقوس المجتمعية بحق المرأة مما يجعلها خاضعة، تابعة وذليلة في بعض المجتمعات
ولكن الآن و بعد مرورأزمنة عديدة من حرمانها من حقوقها أصبحت المرأة تساهم في حركة التطوروالتحديث في المجتمعات ونخصّ بالذكر الدور المتميز الذي قامت به المرأة في ثورات الربيع العربي، جنبا إلى جنب مع الرجل من أجل تحقيق الحرية والعدالة الإجتماعية، فقد قامت المرأة بشجاعة وإبداع بدور مركزي في عملية الإطاحة بالأنظمة المستبدة، مما رفع من سقف آمالها في تحقيق المساواة والكرامة في ظل مجتمعات تسودها الحرية وإحترام حقوق الإنسان وسيادة  القانون. وعلى الرغم من أن الدول العربية تتميزبالتشابه في الملامح العامة الناتجة عن الموروث الثقافي والبنية الإجتماعية والسياسية والدينية، إلاّ أن هناك تباينا يضفي خصوصية على تجربة كل الدولة وتنعكس على طبيعة ودينامكية الحراك الديمقراطي بالإضافة إلى الإختلاف بالنسبة لظروف وواقع المرأة في هذه الدول. فهناك من الدول على الرغم من نضال نسائها من أجل الحصول على حقوقهن ومكتسباتهن إلاّ ان آمالهن إصدمت بواقع أليم إتسمى بالتخلي عنهنّ وتهميشهنّ إن لم نقل تشريدهن. في حين هناك من الدول من إستطاعت نسائهم من تحقيق جزءا هاما من آمالهن، حيث مشيّن خطوة كبيرة إن لم نقل تاريخية في مسيرة نضالهن للحصول على حقوقهن ومكتسباتهن، وأكبر مثال عن ذلك المرأة التونسية.
المرأة التونسية:  دائما متميزة بأحقية وإستحقاق
لا أحد ينكرالدورالأساسي للمرأة التونسية في إنجاح  ثورة الياسمين، حيث أثبتت ولازالت تثبت نجاحها بأحقية وإستحقاق في قيادة إجتماعية شملت شتّى المجالات وغيرها من الأمور التي جعلت منها المركز العصبي الحساس لتكوين بنية إجتماعية متماسكة، كما إستطاعت بحنكتها وذكائها تجاوز جلّ العراقيل لتصل إلى برّ الأمان. هذا ليس بغريب عن "إمرأة الحدّاد" التي حضيت منذ الخمسينيات بحق المساواة مع الرجل وذلك في ظل مجلة الأحوال الشخصية التي أقرها الرئيس حبيب بورقيبة سنة 1956.  وهاهي اليوم تحتفل بعيدها وفي جُعبتها جملة من الإنجازات والمكاسب التي نستعرض منها خاصة الفصل 46 من الدستور التونسي الجديد الذي يُلزم الدولة بحماية الحقوق المكتسبة للمرأة، والعمل على دعمها و تطويرها وضمانها لتكافئ الفرص بين الرجل والمرأة في تحمل مختلف المسؤوليات وسعيها إلى تحقيق التناصف بين المرأة والرجل في المجالس المنتخبة وإتخاذ التدابير الكفيلة للقضاءعلى العنف ضدّ المرأة. وما كان لذالك أن يتحقق لولا تجنّد المرأة التونسية ويقظتها ومتابعتها الدائمة لإعداد هذا الدستور و تطور المشهد السياسي من حولها، إذ نجدها دائما تسعى لإعتلاء أعلى المناصب السياسية وتعزيز حضورها في مراكز صنع القرار. كما وتمّ بمناسبة الإحتفال باليوم العالمي للمرأة هذا العام إنطلاق بثّ أول قناة تلفزية نسائية أورومتوسطية "نساء تي في" وأول إذاعة نسائية "أرأف أم " يُعنيان بشؤون المرأة، وتعزيزا لدورها في خلق مجتمع أكثر حرية و إنفتاح، وهذا إن دّل على شيء فهو يدل على المكانة  المتقدمة التي تحتلها المرأة في تونس، والعالم يشهد بهذه المكانة، حيث نشرت صحيفة "هافنجتون بوست" الأمريكية لائحة بثماني أسماء لنساء من أنحاء العالم، قالت أنهنّ جعلّن العالم مكانا أفضل لعام 2014، إحتلت فيها التونسية محرزية العبيدي النائب الأول لرئيس المجلس الوطني التأسيسي في تونس، المرتبة السادسة. ولازال دور المرأة التونسية يتزايد و مشاركتها لا تقل..أملا في مستقبلا أفضل لبلادها وأولادها.
ولكن هل أتى الربيع العربي بثماره لبقية النساء مثلما الحال بالنسبة للمرأة التونسية؟ أم أن أحلامهن بحقوق وحريات أكبر لم تتحقق بعد؟
المرأة المصرية: "صوت المرأة ثورة و ليس عورة"
 منذ ثورة 25 جانفي 2011 والمرأة المصرية تلعب دورا كبيرا في ميدان التحرير، بحثا عن الحرية والعدالةالإجتماعية تحت مبدأ "صوت المرأة ثورة وليس عورة" فحظيت ببعض من حقوقها المتمثلة خاصة في المادة 11 من الدستور والتي تكفل المساواة للمرأة، والمادة 12 التي تأكد على أهمية تعليم الفتيات، كما تم بمناسبة عيد المرأة هذه العام ترشيح الدكتورة والأديبة المصرية  نوال السعداوي لنيل جائزة بإعتبارها واحدة من بين النساء الآتي لديهن قوة وتأثير في العالم . ولكن على الرغم من هذه الإنجازات و نضالات المرأة المصرية المستمر في تحقيق المساواة والعدالة الإجتماعية، إلاّ أن هناك من المراقبون والمحللون من يرى أن المرأة المصرية لازالت تتعرض للتحرش والعنف والإنتهاكات. كما يأكد أيضا تقرير مؤسسة"طمسون رويترز" الذي صدر في أواخر العام الماضي على تدني وضع المرأة في مصر مقارنة بالنساء في البلدان العربية الأخرى، ويخصّ التقرير مصر بالذكر بما أسماه "بالتطور السلبي" بالنسبة للمناخ القانوني لمزاولة النساء للأعمال المختلفة، مثال لذلك الحصة القانونية للنساء في مجال إدارة المؤسسات العمومية أوالبرلمانيات أوالحكومة المحلية والقوانين التي تمنع الممارسات التميزية أثناء التعيين. وقد جاءت تونس والجزائر والمغرب في منتصف القائمة من أصل 123 دولة عربية بينما جاءت مصر والضفةالغربية وغزة في ذيل القائمة.
المرأة الليبية..الحاضرة الغائبة.
كان للمرأة الليبية  دورا كبيرا في إنجاح الثورة أوبتعبير أصح في إسقاط  نظام القذافي، ومازالت تكافح من أجل نيل حقوقها في ليبيا الجديدة، وذلك من خلال مشاركتها في بناء مؤسسات المجتمع المدني التي تتوخى منها المساهمة في تثبيت أسس الديمقراطية في البلاد، حيث نجدها في مراكز صناعة القرار مثال لذلك المؤتمر الوطني الليبي العام الذي يضمّ 33 سيدة من مجموع 200، إلى جانب الكتلة النسائية في البرلمان الليبي والتي تُعدّ واحدة من أفضل كتل البرلمان الممثلة ب29 إمرأة، دون أن ننسى طبعا الإعلامية الليبية بشرى الهوني التي تم إختيارها من قبل منظمة الإتحاد البرلماني الدولي متعدد الأغراض، كسفيرة للنوايا الحسنة لحقوق المرأة والإعلام. ولكن على الرغم من الدور المتصاعد الذي تلعبه المرأة الليبية بعد الثورة، إلاّ أنه يظل محتشم يكاد يكون منعدم، وهذا ما تأكده أيضا المنظمة الحقوقية "هيومن رايتس ووتش" التي حذّرت وبشدّة في تقريرها الأخير عن وضع المرأة الليبية، ومن تقهقرها، وإختفائها من الصورة تماما. كما ساهمت بعض القرارات التي إتخذتها الحكومة الليبية في تراجع مكاسب المرأة، مثال لذلك قرار المحكمة العليا في رفع القيودعن تعدد الزوجات إلى جانب تعليق وزارة الشؤون الإجتماعية تراخيص زواج الليبيات من أجانب، وغيرها من القرارات التي إن دلت على شيء فهي تدل على ضرورة تغير العقلية السائدة بالمجتمع الليبي في فهمه لحقوق المرأة. فكيف للمرأة الليبية أن تحقق إنجازات ومكاسب إضافية وهي ليست موجودة بمراكز القرار فعليا؟
المرأة اليمنية ...المشوار مازال طويل
 لايزال العالم  يذكر دورالمرأة اليمنية في تظاهرات الربيع العربي التي أطاحت بالرئيس السابق علي عبدالله صالح، حيث خرجت النساء ليطالبن بحياة ومستقبل أفضل، وقد كانت لحظة إستثنائية لليمنين آنذاك. كما كان للمرأة اليمنية تأثيرا كبيرا في الإنتخابات الرئاسية والبرلمانية والمحلية إلى جانب الرجل، وشاركت بفعالية في ساحات التغير وأثبتت حضورها في مؤتمر الحوار الوطني وشكلت 30 من قوام أعضائه إلى جانب إلتزام الدولة بتمثيلها في سلطات الدولة بما لا يقل عن 30 وتمكينها من نيل حقها في كافة المجالات وخدمات الضمان الإجتماعي وتجريم التميزو العنف ضدها. وتجسيدا للدور الفاعل الذي تلعبه المرأة  اليمنية في المجتمع  تمّ بمناسبة عيد المرأة العالمي لهذه السنة إختيار الناشطة الحقوقية والكاتبة الصحفية توكل كرمان الحائزة على جائزة نوبل لسلام سنة 2011، كواحدة من بين أهم 100 إمرأة كان لهنّ قوة وتأثيرفي العالم لسنة 2014. ولكن على الرغم  من هذا التحسن في مشاركة المرأة اليمنية في الحياة السياسية والعامة، إلا أنها لازالت تخوض صرعا ضاريا لنيل حقوقها في بلد محافظ  بقدركبير، يُعرف بزواج القاصرات في غياب الحد الأدنى لسن الزواج، هذا ما تؤكده مؤسسة "طومسن رويترز" في دراسة لها تُعنى بحقوق المرأة ووضعها في العالم العربي بعد مرور ثلاث سنوات على أحداث الربيع العربي، حيث إحتلت فيها اليمن المرتبة الخامس كأسوء بلد في مجال حقوق المرأة من أصل 22 دولة عربية. كما أن هناك من المحللون من يرى أن الطريق لا يزال طويل أمام المرأة اليمنية في المجتمع  اليمني الذكوري، إذّ لازالت لا تتمتع بالكثيرمن الحقوق رغم أنها بحكم القانون والدستور لديها الكثيرمنها مثل حق التعليم والميراث والرعاية الصحة... والكثير من الحقوق الأخرى التي تبدولأي مواطن في العالم أنها مضمونة ومسلم بها ولكن في اليمن مازالت طموحات.
المرأة السورية في عيدها: نازحة... مشردة... خائفة.   
إحتفل العالم هذه السنة بيوم المرأة، والمرأة السورية إما نازحة أومشردة أومنكوبة بفقدان بيتها و ذويها، وترزح تحت وطأة الخوف والعوز وفقدان الأمل. ناهيك عن معانات الشابات وقلقهن على مستقبل التعليم والحريات والنزعات العنيفة التي تعممها الحرب بإستمرار، و قبل كل هذا حقها في الحياة، السكن، الغذاء، الدواء والأمن الذاتي . مما يضعها أمام مسؤوليات و تحديات جسيمة لم يسبق أن تم إعدادها لمواجهتها. ويبرز ذلك خاصة في التمثيل الضعيف للمرأة في أُطر المعارضة وعدم تمكينها من المشاركة في صنع السياسات وإتخاذ القرارات، مما يجعل الكلام عن حقوقها ومكتسباتها مسألة قاسية ومؤلمة.
المرأة في عيدها... علاقة تكامل ومشاركة مع الرجل
إن الإحتفال باليوم العالمي للمرأة لم يعد حكرا على النساء يُقيمن فيه إنجازاتهن أو يقفن على التحديات التي تواجههن أو ينددن بمعاناتهن، فقد آن الأوان ليدرك الرجل بأنه يوم خاص بالإنسان سواء أكان ذكرا أوأنثى، وسيصبح يوما إحتفاليا خاليا من المعاناة والتحديات لكلا الجنسين إذا إقتنع الرجل بأهمية المساواة بين الجنسين، وإذا تعالت أصواتهم بالدفاع عن حقوق المرأة وإذا إقتنع بأن الفائدة ستعود على الجميع، أفرادا وعائلات ومجتمعات. ولكن هذا لا يعني أن كل الرجال لا يؤمنون أو يدافعون على حقوق المرأة والمساواة، بل على العكس فإن أغلب النساء الاتي إرتقين مناصب هامة سواء أكانت سياسية أوغيرها من المجالات، كان رجل معلم في حياتهن المهنية كمؤثر رئيسي. وفي الغالب يتسم هؤلاء الرجال بحس قوي من الإنصاف، ويكون لديهم إهتمام واسع بقضايا المساواة وتوزيع الموارد في المجتمع. ولا يؤمن هؤلاء الرجال بمثل تكافئ الفرص والمساواة فحسب بل إنهم أيضا على إستعداد لدفاع عنها علنا. ويركز هؤلاء الرجال على القيم الأطول أجلا، فهم يرون فوائد في تقاسم المسؤليات مع شريكة حياتهم، في إدارة المسائل المالية والمنزلية. ولا يتحقق كل هذا إلا بتغيرالتوقعات التقليدية بشأن ما يمكن أن يكون عليه الزوج أوالأب... الرجل عموما، والإيمان بأن العلاقة بين الرجل والمرأة هي علاقة تكامل ومشاركة، لاعلاقة تنافر ومناكفة.
وكما ذكرنا آنفا فإن الإحتفال باليوم العالمي للمرأة، الذي يحمل معه ذكرى إنطلاق أول ثورة نسائية صارخة ضد العنف والإضطهاد والتميز، حيث أسهمت نضالات النساء في العالم من أجل تناول قضية المرأة ومطالبها في المحافل الدولية، يعدّ فرصة للتذكير بتقدم المرأة الذي لا يمكن إنكاره إلى جانب رفعتها وهيبتها في مجالات عديدة. نساء رفعن من شأن مجتمعاتهن بكل فخر وإعتزاز بإعتبارهن مكونات إنسانية رائعة ترسم ملامح مجتمع مدني متطور، فكانت المرأة الأم، المربية ، الطبيبة، العالمة، الحاكمة، المهندسة، الوزيرة، العاملة، الطالبة.... ولكن على الرغم من كل هذه الإنجازات مازالت المرأة تتعرض للكثير من الإنتهاكات والعنف بشتى أنواعه بشكل يومي في العديد من المجتمعات. كما لازالت المرأة تشعر بالتفريق بينها وبين الرجل سواء في العمل أوفي الشارع أو في الأسرة، لذلك هناك العديد من المواثيق والحقوق التي يجب أن تُطبق لصالح المرأة والتي هي في الأصل موجودة ولكن العمل بها غيرموجود أي أنه بالرغم مما أنجز بحق المرأة إلاّ أنه مازال يحق لها بالمزيد.
فتحية للمرأة في عيدها المجيد، تحية للأم والأخت والزوجة. تحية للمرأة البطلة، المناضلة، الأرملة، المُعوقة، المنسية، المهمشة. تحية للمرأة التي تواجه الإرهاب والعبودية والفقروالإستبداد والمتخلفين من الرجال ا الذين لا يقدرون أهميتها ولا يعيرون شأنا لكرامتها. تحية للمرأة التي ناضلت ولازالت تناضل حتى الآن للحصول على حقوقها ومكتسباتها. فكل عام وأنتن بخير يا نساء العالم، وأحلى شمعة مضيئة لنساء الربيع العربي.  

ليالي الأنس في فيينا



مدينة الهواء الجميل،بلاد الأمان،مدينة الحب والموسيقى،عاصمة الدانوب،مقر القياصرة،جنة الله على الأرض...كلها أسماء و إن تعددت فقد أشتهرت بها مدينة واحدة،إنها فيينا الجميلة التي تُوجت وللمرة الخامسة على التوالي بالمركز الأول عالميا من بين أكثر من 200 مدينة حول العالم، من حيث جودة الحياة ومستوى الرفاهية لسنة 2014، لتليها مدينة ميونيخ في المرتبة.وقالت منظمة "مارسير" الدولية، والتي تقوم سنويا بتحليل ظروف المعيشة في العديد من دول العالم و تصنيفها  حسب جودة الحياة ومستوى الرفاهية بها، بأن المنافسة كانت شديدة بين العديد من المدن الأوروبية، إلا أن فيينا حافظت على مركزها الأول لعامها الخامس  بفضل تميزها في البنية التحتية والرعاية الصحية، وتنوع أماكن الترفيه فيها..
وقد سميت فيينا بهذا الإسم  تطويرا عن إسمها القديم "فيندوبونا" و معناه الهواء الجميل أو النسيم العليل. وتعتبر فيينا لؤلؤة أوروبية مشعة، تمتاز بسحرها و جمالها الخلاّب وقدمها و تاريخها، وكل الأشياء التي لازالت تُظهر ذلك التاريخ المهيب والمعالم الأثرية الرائعة. ف "فيينا" عبارة عن متحف كبير، مقتنياته قصور وحصون و متاحف ونُصب لأباطرة عظماء. أما الموسيقى فلن تجد مثل النمسا لها موطنا، فمنها أشهر موسقيين في العالم مثل موزارت، شوبرت،استراوس.... وإلى جانب حفالات الأوُبرا التي تشتهر بها فيينا، يُقام  فيها أيضا كل سنة في فصل الصيف مهرجان فني موسيقي عالمي، على ضفاف نهرالدانوب،يشارك فيه نجوم الفن من كل أنحاء العالم بما فيهم نجوم عربية (محمد منير). 
و عندما يُذكر إسم فيينا يتبادر إلى الذهن عاصمة أروبية تضج بالحياة والأعمال، و لكن عندما تطأ أقدامك أرضها تنكشف أمامك حقيقة  أن أكثر من نصف مساحتها هي عبارة عن حدائق و منتزهات و غابات، لتجعل منها روضة من رياض الجنة، إذ لا يخلو شارع من شوارعها من حديقة مفتوحة، نظيفة، تضم ورودا نادرة وأشجار دائمة الخضرة. فهذه المساحات الخضراء تمثل الرئة العملاقة لفيينا مما يجعل هواءها صاف و منعش، لتتغنى به إسمهان في أغنيتها "ليالي الأنس في فيينا هواها من هواء الجنة". ولعلّ السر وراء هذا الجمال هو نهر الدانوب الشهير،الذي يمضي بفرعيه مختالا بصمت بين الشوارع والميادين، مُتباهيا بزرقته و نظافته و نقاء مياهه التي تكاد تُقارن بمياه الشرب في فيينا التي تأتي مباشرة من ينابيع في جبال الألب،حيث تُعتبر من أفضل مياه الشرب و أكثرها صحة على مستوى العالم..
كما تتميز فيينا بحركة سير نشطة و وسائل نقل مُرتبة و مُنسقة والتي قد تكون من أفضل وسائل نقل و أحسنها في العالم. فعلى الرغم من أن عدد سكان فيينا لا يتجاوز 2 مليون نسمة، ومع ذلك توجد بها خمسة خطوط "مترو" تحت الأرض وخطوط " ترام" فوق الأرض، إضافة إلى الحافلات والقطارات العامة التي تغطي كل أرجاء المدينة، مما تُسهل عملية التنقل بين مناطقها و ضواحيها. علاوة عن ذلك فإن فيينا تُعد مركزا ثقافيا وعالميا هام، إذ تستضيف العديد من المنظمات الدولية الكبرى مثل منظمة الأمم المتحدة و منظمة "الأوبك". إلى جانب كونها قطب سياحي على مدار السنة، وبالتالي فإن زيارتها تكون ممتعة بدرجات متساوية خلال جميع فصول السنة ، فهناك من يزورها في فصل الشتاء بقصد التزحلق على الجليد والرياضات الشتوية أوصيفا للإستمتاع بالطقس و الطبيعة... كما أن لسائح العربي مكانته الهامة في فيينا ولانقصد أهل الخليج فقط وهم الأثرى، ولكن السائح العربي بشكل عام.
و لتسوق في أسواق فيينا العصرية و التراثية قصص، حيث تُغريك الأزياء و الهدايا، ولا تتسع الحقائب لما تشتهيه العين من معروضات جميلة في واجهات محلات في مراكز تجارية تتناسب و حسب ميزانية كل فرد،حيث تختلف السلع والأسعار دون المساس بالجودة أو بالصحة أو البيئة. أما المطاعم فلها حكايات أخرى، إذ تتلذذ بما جادت به الطبيعة من منتوجات طازجة،وهنا لابد من وقفةأمام الحلويات و خاصة الشكولاطة التي تتعدد أصنافها و أشكالها و طعمها.
كما تُعد فيينا بلد الأمان،إذ تعتبر الجالية العربية فيها الأكثر حظا على مستوى أوروبا،إذ لا سكن خاص ولا أحياء خاصة، وإنما إنصهار في مجتمع نظيف يجبرك على النظافة. كما أن الإسلام هو ثاني أكبر دين في النمسا بشكل عام  وفي فيينا بشكل خاص فهناك الكثير من المساجد والمطاعم التي تقدم أطعمة "حلالا" وفقا لشّريعة الإسلامية، وغيرها من المظاهر الإسلامية. ويعود هذاالإنفتاح على الحضارات الأخرى لكون فيينا كانت في وقت من الأوقات عاصمة لإمبراطورية مترامية الأطراف شملت النمسا الحالية و المجر وجمهورية التشك و أجزاء من أيطاليا وسلوفينيا والعديد من البلدان الأخرى، و بالتالي فإنها كانت ومازالت مدينة متعددة الثقافات .
و أخيرا و إلى جانب ما قيل آنفا فلا تزال هناك أشياء لا تُعدّ ولا  تُحصى يمكن قولها عن مدينة موزارت لما فيها من وسائل للراحة النفسية و البدنية والفكرية،فهي مدينة صُممت لقضاء عطلات ترفهية و لتأمل الطبيعة الخلابة منتقلا فيها بكل سهولة و يسر بين مناطقها و ضواحيها، و أينما توجهت تتوق للبقاء في المكان الذي تزوره لما فيها من روعة التصميم واللمسات الفنية سواء كانت أبنية أو حدائق أو حتى مطاعم. فتسأل نفسك أي روعة معمارية تلك وأي طبيعة ساحرة وأي جمال و تناسق في كل مجالات الحياة؟ فكل شيء فيها محسوب ومُحكم بدقة. إنها فعلا تستحق وبجدارة أن تكون الأولى من بين دول العالم من حيث جودة الحياة ومستوى الرفاهية. فهي عنوان الجمال والفن و التاريخ العريق. وإن كتب الشاعر أحمد رامي قصيدته "ليالي الأنس في فيينا " و التي غنتها المطربة إسمهان حينما كانت النمسا كلها ضمن حدود ألمانية النازية، فماالذي كان سيقوله أحمد رامي لو أتيحت له فرصة زيارة فيينا اليوم