مدينة
الهواء الجميل،بلاد الأمان،مدينة الحب والموسيقى،عاصمة الدانوب،مقر القياصرة،جنة
الله على الأرض...كلها أسماء و إن تعددت فقد أشتهرت بها مدينة واحدة،إنها فيينا
الجميلة التي تُوجت وللمرة الخامسة على التوالي بالمركز الأول عالميا من بين أكثر
من 200 مدينة حول العالم، من حيث جودة الحياة ومستوى الرفاهية لسنة 2014، لتليها مدينة
ميونيخ في المرتبة.وقالت منظمة "مارسير" الدولية، والتي تقوم سنويا
بتحليل ظروف المعيشة في العديد من دول العالم و تصنيفها حسب جودة الحياة ومستوى الرفاهية بها، بأن
المنافسة كانت شديدة بين العديد من المدن الأوروبية، إلا أن فيينا حافظت على
مركزها الأول لعامها الخامس بفضل تميزها
في البنية التحتية والرعاية الصحية، وتنوع أماكن الترفيه فيها..
وقد
سميت فيينا بهذا الإسم تطويرا عن إسمها
القديم "فيندوبونا" و معناه الهواء الجميل أو النسيم العليل. وتعتبر
فيينا لؤلؤة أوروبية مشعة، تمتاز بسحرها و جمالها الخلاّب وقدمها و تاريخها، وكل
الأشياء التي لازالت تُظهر ذلك التاريخ المهيب والمعالم الأثرية الرائعة. ف
"فيينا" عبارة عن متحف كبير، مقتنياته قصور وحصون و متاحف ونُصب لأباطرة
عظماء. أما الموسيقى فلن تجد مثل النمسا لها موطنا، فمنها أشهر موسقيين في العالم
مثل موزارت، شوبرت،استراوس.... وإلى جانب حفالات الأوُبرا التي تشتهر بها فيينا،
يُقام فيها أيضا كل سنة في فصل الصيف
مهرجان فني موسيقي عالمي، على ضفاف نهرالدانوب،يشارك فيه نجوم الفن من كل أنحاء
العالم بما فيهم نجوم عربية (محمد منير).
و
عندما يُذكر إسم فيينا يتبادر إلى الذهن عاصمة أروبية تضج بالحياة والأعمال، و لكن
عندما تطأ أقدامك أرضها تنكشف أمامك حقيقة
أن أكثر من نصف مساحتها هي عبارة عن حدائق و منتزهات و غابات، لتجعل منها
روضة من رياض الجنة، إذ لا يخلو شارع من شوارعها من حديقة مفتوحة، نظيفة، تضم
ورودا نادرة وأشجار دائمة الخضرة. فهذه المساحات الخضراء تمثل الرئة العملاقة
لفيينا مما يجعل هواءها صاف و منعش، لتتغنى به إسمهان في أغنيتها "ليالي
الأنس في فيينا هواها من هواء الجنة". ولعلّ السر وراء هذا الجمال هو نهر
الدانوب الشهير،الذي يمضي بفرعيه مختالا بصمت بين الشوارع والميادين، مُتباهيا
بزرقته و نظافته و نقاء مياهه التي تكاد تُقارن بمياه الشرب في فيينا التي تأتي
مباشرة من ينابيع في جبال الألب،حيث تُعتبر من أفضل مياه الشرب و أكثرها صحة على
مستوى العالم..
كما
تتميز فيينا بحركة سير نشطة و وسائل نقل مُرتبة و مُنسقة والتي قد تكون من أفضل
وسائل نقل و أحسنها في العالم. فعلى الرغم
من أن عدد سكان فيينا لا يتجاوز 2 مليون نسمة، ومع ذلك توجد بها خمسة خطوط
"مترو" تحت الأرض وخطوط " ترام" فوق الأرض، إضافة إلى
الحافلات والقطارات العامة التي تغطي كل أرجاء المدينة، مما تُسهل عملية التنقل
بين مناطقها و ضواحيها. علاوة عن ذلك فإن فيينا تُعد مركزا ثقافيا وعالميا هام، إذ
تستضيف العديد من المنظمات الدولية الكبرى مثل منظمة الأمم المتحدة و منظمة
"الأوبك". إلى
جانب كونها قطب سياحي على مدار السنة، وبالتالي فإن زيارتها تكون ممتعة بدرجات
متساوية خلال جميع فصول السنة ، فهناك من يزورها في فصل الشتاء بقصد التزحلق على
الجليد والرياضات الشتوية أوصيفا للإستمتاع بالطقس و الطبيعة... كما أن لسائح
العربي مكانته الهامة في فيينا ولانقصد أهل الخليج فقط وهم الأثرى، ولكن السائح
العربي بشكل عام.
و
لتسوق في أسواق فيينا العصرية و التراثية قصص، حيث تُغريك الأزياء و الهدايا، ولا
تتسع الحقائب لما تشتهيه العين من معروضات جميلة في واجهات محلات في مراكز تجارية
تتناسب و حسب ميزانية كل فرد،حيث تختلف السلع والأسعار دون المساس بالجودة أو
بالصحة أو البيئة. أما
المطاعم فلها حكايات أخرى، إذ تتلذذ بما جادت به الطبيعة من منتوجات طازجة،وهنا
لابد من وقفةأمام الحلويات و خاصة الشكولاطة التي تتعدد أصنافها و أشكالها و طعمها.
كما
تُعد فيينا بلد الأمان،إذ تعتبر الجالية العربية فيها الأكثر حظا على مستوى
أوروبا،إذ لا سكن خاص ولا أحياء خاصة، وإنما إنصهار في مجتمع نظيف يجبرك على
النظافة. كما أن الإسلام هو ثاني أكبر دين في النمسا بشكل عام وفي فيينا بشكل خاص فهناك الكثير من المساجد والمطاعم
التي تقدم أطعمة "حلالا" وفقا لشّريعة الإسلامية، وغيرها من المظاهر
الإسلامية. ويعود هذاالإنفتاح على الحضارات الأخرى لكون فيينا كانت في وقت من
الأوقات عاصمة لإمبراطورية مترامية الأطراف شملت النمسا الحالية و المجر وجمهورية
التشك و أجزاء من أيطاليا وسلوفينيا والعديد من البلدان الأخرى، و بالتالي فإنها
كانت ومازالت مدينة متعددة الثقافات .
و
أخيرا و إلى جانب ما قيل آنفا فلا تزال هناك أشياء لا تُعدّ ولا تُحصى يمكن قولها عن مدينة موزارت لما فيها من
وسائل للراحة النفسية و البدنية والفكرية،فهي مدينة صُممت لقضاء عطلات ترفهية و
لتأمل الطبيعة الخلابة منتقلا فيها بكل سهولة و يسر بين مناطقها و ضواحيها، و
أينما توجهت تتوق للبقاء في المكان الذي تزوره لما فيها من روعة التصميم واللمسات
الفنية سواء كانت أبنية أو حدائق أو حتى مطاعم. فتسأل نفسك أي روعة معمارية تلك وأي
طبيعة ساحرة وأي جمال و تناسق في كل مجالات الحياة؟ فكل شيء فيها محسوب ومُحكم
بدقة. إنها فعلا تستحق وبجدارة أن تكون الأولى من بين دول العالم من حيث جودة
الحياة ومستوى الرفاهية. فهي عنوان الجمال والفن و التاريخ العريق. وإن كتب
الشاعر أحمد رامي قصيدته "ليالي الأنس في فيينا " و التي غنتها المطربة
إسمهان حينما كانت النمسا كلها ضمن حدود ألمانية النازية، فماالذي كان سيقوله أحمد
رامي لو أتيحت له فرصة زيارة فيينا اليوم
No comments:
Post a Comment