Friday, January 25, 2013

الثورة التونسية بين الواقع و المأمول





تطفىء الثورة التونسية بانقضاء 2012 شمعتها الثانية منذ ان اندلعت الاحتجاجات في تونس بعد أن أضرم محمد البوعزيزي النار في نفسه في وسط مدينة سيدي بوزيد, ليكون الشعلة التي ألهبت الربيع العربي.وقد أثار خبر وفاته انتفاضة على مستوى البلاد, والتي أدت الى الاطاحة بالرئيس التونسي زين العابدين بن علي و الى ظهور آمال في أن تصبح تونس أكثر عدلا.كما أدّت هذه الثورة الى تغيرات مؤثرة على الساحة العربية لها تداعيات طويلة الأمد,كما أدت نتائجها الى طرح العديد من االتسؤلات حول مكاسبها وخسائرها,ليس على الصعيد السياسي فحسب بل الاقتصادي و الاجتماعي والفكري والعقائدي والعسكري والأمني,فالبعض يراها أينعت و أثمرت والبعض الآخر يراها حركت المياه في البحيرة العربية التي بدأت بمد وانتهت بجزر,في حين يراها آخرون نقمة حلت بهم وليست نعمة كما كانو يتوقعون.
ومع اطلالة العام الثالث من عمر هذه الثورة مازالت المحصلة النهائية للمكاسب و الخسائر لم تظهر بعد تحت وطأة الضجيج,الحشد السياسي,وتغليب ايديولوجية الشارع على منطق الدولة,اضافة الى قصر المدة الزمنية التي مرت على نشوب هذه الثورة و التي تعدّ غير كافية لرصد النتائج النهائية.ولكننا في النهاية يجب الاعتراف أن هذه الثورة نجحت في ازاحة طاغية,ونهاية دكتاتورا وأتباعه, وبمجرد وعي الشعب أن هؤلاء الطغاة ليست لهم قوة الا قوة شعب أدرك أخيرا أنه بامكانه التحرر من مخاوفه ومن العبودية التي كان يعيشها لسنوات طويلة, مطالبا بحقوقه الشرعية,فهذا الوعي في حدّ ذاته يعتبر انجازا كبيرا لثورة.
لثورة التونسية كغيرها من الثورات التي حدثت في العالم - سواء في العصور الغابرة أو الحالية- ارتكبت في بدايتها العديد من الأخطاء ثم عدّلت من مسارها لتحقيق أحلام الشعوب في الحياة الكريمة. فعلينا أن نتحلى بالصبر, وألا نيأس من حدوث التغيرات, فالطريق طويل أمام الحكومة الحالية, فقد ورثت ميراثا ضخما من الفساد ولا يمكن الحكم على مدى نجاحها أو فشلها في تحقيق الأهداف المنشودة خلال سنتين.ومثلما صبر الشعب على حكم طاغية لمدة تجاوزت العشرين عاما,عليه منح الحكومة الحالية الفرصة
و عدم وضع العراقيل تلوة الاخرى أمامها. ويكفي أن هذه الحكومة نجحت في الوصول الى الحكم بانتخابات حرّة ونزيهة بدّدت فيها مهزلة نسبة 99% التي كان يفوز بها معظم الحكام الطغاة.
فمستقبل العالم العربي اليوم الزاخر بالثورات بدأت ملامحه في التشكل,فالثورات غيرت في طريقة تفكير الكثيرين وجعلت العديد من الشباب يؤمن بأهمية مشاركته في محاربة الفساد و احداث التغيير لتعود له ثقته بنفسه وفي امكانية حدوث التغير وتحقيق الأهداف المنشودة و الدفع بعجلة التقدم نحو مستقبل مشرق للاجيال القادمة.

فهل تمضي دول الربيع العربي الى مستقبل زاهر بعد أن انتقلت من مرحلة الثورة الى مرحلة بناء الدولة؟ أم أن هذه الثورات لم تجلب لشعوب المنطقة الا الفوضى و تفكك المجتمعات و غياب هيبة الدولة؟

ليلى لعماري

No comments: